العدد الثاني من مجلة لباب

الأيديولوجيا الناعمة لـ»الإسلام السياسي» ومستقبله بعد الربيع العربي

47 |

الإســ مية» الت ـي يرجــع إليهــا عمــوم المســلمين، لمعرفــة تطابــق توجهاتهــم وتصرفاته ـم م ـع أحـكام الإسـ م وتوجهاتـه. هكـذا، تشـترك «الأيديولوجي ـا الإسـ مية» الخاصـة بالإسـ ميين فـي بعضهـا بالطب ـع ولي ـس كلهــا، مــع «الســردية الإســ مية» المعتمــدة مــن عمــوم المســلمين، فــي تشــكيل «الخيــال الإسـ مي» الـذي يفكـر الإسـ ميون بتأثيـر منـه أو مـن وحيـه، مـا يجعـل بينهـم وبـ عمـوم المسـلمين مسـاحة مشـتركة وواسـعة فـي طريقـة العمـل والتفكيـر لاسـيما فـي الجانـب السياسـي والقيمـي الإسـ مي. وحتـى مـن الناحيـة النفسـية فإنهمـا، الأيديولوجيـة والسـردية، باسـتعارة لان بيئـة شـعورية واحـدة ِّ ، يشـك )19( عـن اللاوعـي الجمعـي )Carl Jung( مصطلـح كارل يونـغ مـن حيـث كيفيـة مقاربـة التعاليـم الإسـ مية أو السـعي إليهـا. (وهـذا لا ينفـي وجـود بعـض آخـر ممـا قـد يعـزز مـن التناقـض بينهمـا). ا عن ـد وصـف الإسـ ميين لأنفسـهم أو ً ومـن اللاف ـت أن مصطل ـح الأيديولوجي ـا لي ـس شـائع لتوجهاتهـم، لمـا قـد يحملـه مـن معـان سـلبية تجاههـم أو لقصـوره فـي التعبيـر عـن معتقداتهـم، وبالمقابـل تشـيع كلمـة «الاعتقـاد» والمتصلـة بمـا يؤمـن بـه المسـلمون مـن معتقـدات فـي دينهـم. وللخـروج مـن كثـرة التداخـل والجـدل حـول تلـك المصطلحـات ودلالاتهـا، وعلـى مبـدأ «لا مشـاحة فـي الاصطـ ح»، فـإن الدراسـة لا تريـد مـن مضمـون الأيديولوجيـا إلا ذلـك القـدر الـذي يكشـف عـن القـوة الناعمـة فيهـا، وعـن الإطـار الـذي توفـره للإسـ ميين ليعـودوا بـه إلـى النـص الدينـي وإمكاناتـه. وبخلاصـة موجـزة، إن أهـم السـمات التـي تمتـاز بهـا الأيديولوجيـا الإسـ مية، أنهـا معاصـرة ـا، وأن ً ا مـن الديـن لكنـه سياسـي أيض ّ ً ا مسـتمد ً وليسـت حبيسـة الماضـي، وأنهـا تحمـل فكـر شـرعيتها مسـتمدة مـن دورهـا فـي العمـل عل ـى اسـتعادة شـرعية الحكـم بممارسـة إسـ مية بينهـا وبـ الديـن مـن حيـث فهـم أو اسـتعداد جمهور المسـلمين ً مشـروعة، وأن هنـاك تداخـ لفهمـه، وهـو جوهـر قوتهـم الناعمـة.

Made with FlippingBook Online newsletter