العلاقات التركية-القطرية: السياسة الخارجية والأمن الإقليمي

ومن أبرز الصراعات بين القوى والمحاور الإقليمية في الشــرق الأوســط: الصــراع بيــن المحور الإيراني، الذي يضم ســوريا والجماعات المســلحة التابعة لإيران كحزب الله اللبناني، والحشــد الشــعبي في العــراق، وجماعة الحوثي في اليمن، وبين المحور الســعودي الذي ينتمي إليه عددٌ من الدول الإقليمية المؤثرة ويحظى " إسرائيل " كدولة الإمارات العربية المتحدة، وجمهورية مصر، ويتعاون مع بدعم من الولايات المتحدة الأميركية، إلى جانب هذين المحورين تأتي تركيا التي لا تنتمي لأيٍ منهما وتشــكل قوة إقليمية ناهضة تمتلك مســاحة جغرافية واســعة، وموارد بشــرية كبيرة، ومصادر مائية غزيرة، وتتميز بموقعها الجيوستراتيجي، وهي إلى جانب كونها من الدول الاقتصادية الكبيرة، وانضوائها في حلف شمال الأطلسي م لاســتعادة 2002 ، ســعت بعد وصول حزب العدالة والتنمية للحكم عام " الناتو " عمقها الاستراتيجي، والذي يشكل الشرق الأوسط جزءًا مهمًا منه. ولتحقيق ذلك، عملت على إيجاد تحالفات وصداقات في الشرق الأوسط، كان من أهمها التحالف مع دولة قطر، والتي على الرغم من صغر حجمها، وقلة عدد سكانها، فإنها تمتلك ثروة هائلة من الطاقة، وآلة إعلامية كبيرة ودبلوماسية مؤثرة؛ أهلتها للعب أدوار مهمة في الشرق الأوسط. فــي ظل هــذه الظروف الإقليمية، وجدت كل من تركيــا وقطر حاجتها لدى الأخــرى؛ فقطــر تحتاج من تركيا؛ مكانتها السياســية، وجيشــها القــوي، وبيئتها الاســتثمارية، وقواها العاملة، وقدراتها الأمنية. بينما تستفيد تركيا من قطر؛ قدراتها الاســتثمارية، وآلتها الإعلامية، إلى جانب مخزونها الاستراتيجي من الطاقة؛ ليلعبا معًا دورًا تكامليّا نافذًا ومؤثرًا في الشــرق الأوســط، لاســيما أن رؤيتيهما لقضايا المنطقة متقاربة في الكثير من الأحيان، الأمر الذي يعزز عملهما المشــترك لرعاية مصالحهمــا، ومن جانب آخــر، يزيد من الحاجة إلى التعــاون؛ لدفع التهديدات، والمخاطر المحدقة بهما. كما كان للمتغيرات الداخلية أيضًا أثرٌ كبيرٌ في تطور مسار العلاقات التركية- القطرية، حيث تطورت العلاقة بشكل كبير بعد تولي الشيخ، حمد بن خليفة آل ثاني،

8

Made with FlippingBook Online newsletter