الأزمة المالية العالمية: لماذا تستعصي على الحل؟

يسلط الكتاب الضوء على الأزمة المالية العالمية التي بدأت أواخر عام 2007 ، فيتحدث عن حيث أسبابها، وعلاقتها بالنظام الرأسمالي، وتداعياتها على الصعيدين العالمي والعربي. ويحاول الكتاب تقديم رؤية لتقليل هذا الأثر ومعالجة هذه التداعيات.

ﳌﺎذا ﺗﺴﺘﻌﺼﻲ ﯽﻠﻋ اﻟﺤﻞ؟

ﳌﺎذا ﺗﺴﺘﻌﺼﻲ ﻋﻠﻰ اﳊﻞ؟

1

سلسلة أوراق اجلزيرة رقم 33

ﳌﺎذا ﺗﺴﺘﻌﺼﻲ ﯽﻠﻋ اﻟﺤﻞ؟

3

الطبعة األولى 1434 هـ - 2013 م ردمك 978-614-01-0789-2 جميع الحقوق محفوظة

الدوحة - قطر هواتف: 1810494 - 1810491 - 1810349 ( 871 )+ فاكس: 1914114 ( 871 - )+ البريد اإللكتروني: E-mail: jcforstudies@aljazeera.net

عين التينة، شارع المفتي توفيق خالد، بناية الريم هاتف: +( 844 - 4 ) 791407 - 791409 - 794311 ص. ب: 41 - 1171 شوارن - بيروت 4403 - 3010 - لبنان فاكس: +( 844 - 4 ) 794310 - البريد اإللكتروني: asp@asp.com.lb الموقع على شبكة اإلنترنت: http://www.asp.com.lb

يمنـع نخـأ و اخـاعمأي ز جـ ه مـا هـاا الياـأس بةيـة وخـيأة ا ـويرية و إ ليارونيـة و مييأنيييـة بمأ في الـك الاخـجيي الفواـواارفي والاخـجيي أـى ـرطة و مـارء مقـروهي و بةيـة وخـيأة ن ـــر ـــري بمـــأ فيلـــأ حفـــظ المعأومـــأ ، واخـــارجأ لأ مـــا دوا إاا طـــي مـــا النأ ـــر إن اآلراء الواردة يف ذاا التاب ا عب ر ابلروررة ن ري الدار البواية للبلوم نبشورن ش. م. ل التنضيد وفرز األلوان: بجد ا ارفييس ، بيروت - هاتف 791407 +( 8444 ) الطباعة: مطأبع الدار العربية لأعأوم ، بيروت - هاتف 794311 +( 8444 )

مقدمة ................................ 7 .....................................

الف ي األوي خبأس األ مة المألية واالما أدية العألمية وطرق الجلأ

المبحث ا : ألول أسباب األزمة ................................ 31 ................ المبحث الثاني: طرق عالج األزمة ................................ 52 ...........

الف ي الثأني أل مة المألية ادا يأ ا واالما أدية العألمية

المبحث ا : ألول التداعيات على الصعيد العالمي 17 ............................... المبحث الثاني: التداعيات على الصعيد العربي 77 ............................... الفصل الثالث: وسائل جديدة مقترحة لعالج األزمة المالية واالقتصادية العالمية 333 الم ارجع ................................ 353.................................

5

مقدمة

يتعرض النظام الرأمساﱄ العاملي ألزمة خانقة منذ العام 3007 ، رمباا األ كانت من أشد زمات الﱵ واجهته على مدار تارﳜه. وتكمن املشكلة يف عدم جناحه يف ﲣطي هذه األزمة رغم مرور مخس سنوات حﱴ اآلن على بدايتها. ورمبا كان األخطر على اإلطالق ما صاحب تلك األزماة من تداعيات يف عدة مناطق من العامل، رمبا كان بسبب تلك األزمة املالية واالقتصادية العا ملية، مثل أزمة منطقة اليورو، وأزمة دول الربيع العر باي. ومل يعد العامل بعد األزمة املالية واالقتصادية الﱵ عصفت باقتصاده يفكر بنفس املنطق الذي كان يفكر به قبلها، وال يتبع األياديولوجيات نفسها. فمما ال شك فيه أن الليربالية اﳉديدة هتاوت عن عرشها، وأصبح يُنظر بعني االعتبار مرة أخرى إﱃ االعتماد على قطاعات االقتصاد العيﲏ، وإﱃ االعتماد على سياسات الرفاهة االجتماعية، وهي األماور الاﱵ مل يكن من املمكن التجرؤ على التطرق إليها قبل حدوث تلك ا . ألزمة وينظر العديد من األفراد يف الدول الغنياة اآلن إﱃ االففااض املطرد يف ن صيب الناتج احمللي اإلمجاﱄ الذي يأيت من قطاع الصاناعة التحويلية مبزيد من القلق. ويشارك هؤالء األفراد أيضا عادد مان األكادمييني. ففي ﲝث حديث 1 أجراه كل مان مايكال سابنس 1 Michael Spence & Sandile Hlatshwayo. 2011. The Evolving Structure of the American Economy and the Employment Challenge . New York: Council on Foreign Relations.

7

وسانديل هالتشوايو جمللس العالقات اﳋارجية بنيويورك، جادال بأنه ﳚب على االقتصاد األمريكي البحث عن سبل لزيادة فرص العمل يف قطاع "السلع القابلة للتجارة": أي الصناعات الﱵ يتم تبادل منتجاهتا عرب اﳊدود. ورغم أن هذه اجملموعة تضم بعض اﳋادمات، مثال التمويل، ف إن الصناعة التحويلية هي املهيمنة عليها. لقد أتاحت هذه األزمة املالية واالقتصادية العاملية الفرصة ك املاة ملراجعة الفكر االقتصادي، ولعلنا جند يف املستقبل القريب تغيريا شامال ﳉميع األفكار الﱵ سادت خالل الفترة األخرية منذ منتصا القارن املاضي، ويف السياسات املتبعة ومناهج العمل. فقد دخل العاامل مناذ حدوث األزمة املالية واالقتصادية العاملية، الﱵ بدأت يف أواخار عاام 3007 ، مرحلة جديدة من إعادة اﳊسابات واألوضاع ما زالت ﲡري ترتيباهتا حﱴ اآلن. فقد أدت تلك األزمة لبزوغ جنم قاوى اقتصاادية أخرى، مثل الصني، ﲢاول بكل قواها املشاركة يف الكعكة وعدم ترك األمور كلية للواليات املتحدة األمريكية كقوة عظمى منفردة. ولعل أهم تأثري ات هذه األزمة املالية واالقتصادية العاملية كاان من نصيب الدول العربية، الﱵ تأثر معظم اقتصاداهتا بسببها، وذلاك يف ظل انعدام االستقرار الداخلي لتلك الدول والتباطؤ االقتصاادي الذي نتج عن األزمة. وكانت أخطر تلك اآلثاار علاى الطبقاات الشعبية األكثر هشاشة، الﱵ كانت تعاين من عدم وجاود للياات سليمة وفعالة إلعادة التوزيع االجتماعي، وازدادت وطأة املعاناة من جراء تلك األزمة، فكانت من أهم العوامل الﱵ دفعتها للمشاركة يف حدوث ما أُطلق عليه "الربيع العرباي". على أنه مما الشك فيه أن حدوث الثورات واالضاطرابات يف املنطقة العربية س وف يعيد من جديد تقسيم التحالفات واالرتباطات

8

الدولية مرة أخرى. وإذا كانت هذه األحداث املتالحقة مل تصل بعد لنتائج معينة، ف إهنا قد أربكت حسابات الدول الكربى يف كيفية اﲣاذ ألفعال املناسبة حياهلا. ردود ا وعلى سبيل املثال، حينما اندلعت الثورة املصرية يف ينااير 3044 ، كانت الواليات املتحدة توازن بني خيارين، إما التمساك باملبادئ واألفكار النبيلة الﱵ تدعو هلا، والوقوف بصرامة يف وجه النظام املصري القائم لنذاك لدعم مبادئ الدميقراطياة وحقاوق اإلنسان وعدم استخدام القوة ضد املتظاهرين، وبذلك تادخل يف مواجهة احتمال انفراط عقد سلسلة ﳏكمة البناء يف منطقة هاماة من مناطق نف وذها، قد تتضمن التضحية بدورها كلية فيها فيماا بعد. وإما إبقاء مصاﳊها والتغاضي عن مبادئها. وقاد اااازت للخيار األول، وما زالت مل تعرف إﱃ اآلن أية مالمح واضحة هلذا اﳋيار. ونفس األمر يتكرر يف حالة ليبيا، فقد وقفت أورو باا بزعاماة فرنسا وبريطانيا أمام خيارين: إم ا غسل أيديها مجيعاا مان إبارام التحالفات مع النظام القائم واالاياز للجانب الصحيح من التااري باختيار جانب الثورة، وإما إبقاء مصاﱀ وتوازنات قائمة ال هتاددهم بأية عواقب غري مرضية. وإذا ما كانت اﳊالة الثورية الﱵ متر باملنطقة العربية مل تنته بعد، ف من املؤكد أن تفرض شكال جديدا للعالقات الدولية يقوم ألول مرة يف العصر اﳊديث على أخذ املصاﱀ العربية يف االعتبار عناد صانع القرار. بل ورمبا يؤثر متاما على مستقبل الصراع األهم يف املنطقاة، وهو الصراع العرباي اإلسرائيلي، الذي ما زال مستمرا منذ ما يزيد على ستة عقود، مبا يضع ا ﳊل الناجع له!!

9

ويف هناية هذه املقدمة أتوجه ﲞالص شكري وتقديري ألستاذي الفاضل الدكتور / حامد علي، أستاذ االقتصاد والسياساات العاماة باﳉامعة األمريكية بالقاهرة، الذي رشحﲏ إلعاداد هاذا العمال، وكذلك لألستاذ الفاضل / ﳏمد عبد العاطي، ا ؤ ملس ول بإدارة البحوث مبركز اﳉز يرة للدراسات، والذي كانت دعوته الكرمية لكتابة هاذا البحث هي الدافع الرئيسي إلجنازه وخروجه هبذه الصورة. راهلل م رراء القصد ﳏمد حس يوسف القبذوة يف 03 ديسم ر 2302

11

الفصل األول

خبأس األ مة المألية واالما أدية العألمية وطرق الجلأ

ما من شك يف عظم لثار األزمة املالية واالقتصادية العاملية الاﱵ واجهت الواليات املتحدة يف مبدأ األمر، مث انتقلات إﱃ بقياة دول العامل الرأمساﱄ، ومنه إﱃ االقتصاد العاملي ككل. فقد كانت بداياة األزمة يف سوق الرهن العقاري األمريكي، لتنتشر بعد ذلك إﱃ بقية القطاعات ا القتصادية من خالل الشلل الذي أصاب نظام االئتماان. وانتقلت هذه األزمة إﱃ بقية االقتصادات األخرى على مستوى العامل ب ملرتبطة بعضها عن طريق العوملة واملؤسسات املالية ا بعض وأساواق رؤوس األموال اﳊرة. وهناك بعض اآلراء الﱵ ترجع سبب نشأة هذه األزمة إﱃ تدخل اﳊكومة األمريكية مباشرة يف السوق العقاري. فاريى ليباوتيز أن التدخل اﳊكومي يف ﲢديد إجراءات اإلقراض املصريف كاان مبثاباة سقطة كبرية، وذلك رغم مسو هدف توفري املساكن للفقراء واملعوزين الذي كانت تسعى اﳊكومة األمريكية لتحقيقه 1 . أما جون تاايلور، 1 Liebowitz, S., 2008, Anatomy of Train Wreck: Causes of the Mortgage Meltdown . The Independent Institute Policy Report.

11

فريى أن األخطاء الﱵ شابت السياسة النقدية تعد من أهم األساباب الﱵ قادت لأل زمة اﳊالية، فقد كانت السياسة النقدية املتبعاة قبيال األزمة سياسة توسعية، أدت لتاراكم أماوال كاثرية يف الساوق العقارى 1 . على أن املدقق يف طبيعة األزمة املالية واالقتصادية اﳊالية، ﳚاد أن الفلسفة الﱵ قام عليها النظام الرأمساﱄ أصال، وطبيعة لليات عمله، عاﰿ متثالن حجر األساس لألزمة الراهنة. وما مل ت هذه األسس مان الناحية الفلسفية ومن الناحية العملية، فمن املنتظر اساتمرار هاذه األزمة الراهنة وتوقع حدوث أزمات أخرى متواترة، مثلما هو حاال النظام الرأمساﱄ مع األزمات عرب ت ارﳜه. ونستعرض يف هذا الفصل األسباب الﱵ أدت لألزمة الراهناة، والﱵ متثلت أساسا يف اﳋلل الذي أصاب سوق اإلقراض العقااري األمريكي. على أننا نبحث أيضا يف األسباب األخرى الﱵ مهادت لألزمة الراهنة، وهي طبيعة النظام الرأمساﱄ وللية عمله. مث نبحث بعد ذلك يف الطرق ا لﱵ اتبعتها دول العامل املختلفاة لتحجيم لثار هذه األزمة، وﳏاولة تقليلاها إﱃ أد حاد ممكان. ومعرفة هل جنحت دول العامل يف ذلك، أم أن األزمة كانت أقاوى من تلك اﳉهود املبذولة للعالج.

Taylor, J. B., 2008, The Financial Crisis and the Policy Response: An Empirical Analysis of What Went Wrong . Hoover Institute and Stanford University.

1

12

املبحث األول

خبأس األ مة

أل مة المألية في مفلوم ا تعد األزمة نتاج ﳎموعة من ا لعوامل املتتابعة واملتراكمة، تغذي كل منها اآلخر إﱃ أن تصل إﱃ حالة االنفجار 1 . وميكان تعريا األزمة بأهنا "مرحلة حرجة تواجه املنظومة االجتماعية، وينتج عناها خلل أو توق يف بعض الوظائ اﳊيوية هلذه املنظوماة أو كلاها. ويصاحبها تطور سريع يف األحداث، ينجم عنه عادم اساتقرار يف النظام األساسي هلذه املنظومة، ويدفع سلطة اﲣاذ القارار فيهاا إﱃ ضرورة التدخل السريع لنجدهتا وإعادة التوازن هلذا النظام" 2 . كماا ميكن تعري األزمة املالية بأهنا "تلك التذبذبات الﱵ تاؤثر كلياا أو أل جزئيا على ﳎمل املتغريات املالية وحجم اإلصدار وأسعار ا ساهم 1 زايدي عبد السالم ومقران يزيد، األزمة املبليةة رانبتبسةب ب نلة ا اقاصبدات البواية: دراسة حبلة اﳉزائو رعونس راملغةو رليييةب رمصو . ﲝث مقدم إﱃ: مؤمتر األزمة املالية الراهناة والبادائل املالياة واملصرفية: النظام املصريف اإل سالمي منوذجا. اﳉزائر: معهاد العلاوم االقتصادية وعلوم التسيري، 1 - 4 مايو 3008 . 2 مصطفى حسﲏ مصطفى، األ زمة املبلية الببمليةة: يسةيب ب راربرذةب ا اقاصبدية ركيفية مواجهاهب . ﲝث مقدم إﱃ: مؤمتر اﳉوانب القانونية واالقتصادية لألزمة املالية العاملية. املنصورة: جامعة املنصاورة، 4 - 3 أ بريل 3008 .

13

والسندات، وكذلك اعتمادات الودائع املصرفية ومعدل الصارف". ويستلزم هذا االختالف يف تقادير الظاواهر اﳋاصاة باالرتفااع واالففاض فترة طويلة لتفسريها. األزمة املالية إذن هي "اهنيار مفاجئ يف سوق األساهم، أو يف عملة دولة ما، أو يف سوق العقارات، أو ﳎموعة مان املؤس ساات املالية، لتمتد بعد ذلك إﱃ باقي االقتصاد، وﳛدث مثل هذا االهنياار املفاجئ يف أسعار األصول نتيجة انفجار "فقاعاة ساعرية" ماثال. والفقاعة املالية أو السعرية، أو فقاعة املضاربة كما تسمى أحيانا، هي بيع وشراء كميات ضخمة من نوع أو أكثر من األصول املالياة أو املادي ة كاألسهم أو املنازل بأسعار تفاوق أساعارها الطبيعياة أو اﳊقيقية" 1 . خبأس األ مة ليس هناك من شك يف عظم وطأة األزمة املالياة واالقتصاادية اﳊالية الﱵ ضربت اقتصادات العامل وبشدة بدءا من أغسطس 3007 ، ال ال بدءا مان ولكن مل تظهر لثارها بشكل ﳏسوس إ عاام 3009 . وميكن خال ل البحث يف أسباب األزمة، اﳊديث عن السبب املباشار والرئيسي الندالع األزمة الراهنة، والذي يتمثل يف انفجاار فقاعاة سوق اإلقراض العقاري األمريكي. ولكن ميكن إرجاع هذه األزماة مه أيضا إﱃ ﳎموعة أخرى من األسباب الرئيسية الﱵ سا ت هي أيضا 1 مفتاح صاﱀ و معاريف فريدة، يزمة النظبم املبﱄ الببملي راديل الينةو اإل سالمية . مؤمتر األزمة املالية الراهنة والبدائل املالية واملصرفية: النظاام املصريف اإلسالمي منوذجا. اﳉزائر: معهد العلوم االقتصاادية وعلاوم التسيري 3008 .

14

يف حدوث األزمة. وحيث تناولت ا لعديد من األدبيات األسباب الﱵ أدت هلذه األزمة املالية واالقتصادية العاملية بتفصيل شديد، فساوف نتناول يف عجالة أهم تلك األسباب على النحو التاﱄ: الخبس المبأ ر لأل مة الحألية 1 بدأت األزمة تنتشر من خالل ساوق اإلقاراض العقااري األمريكي (املعروف باسم ساب برامي sub-prime نح مت )، حيث ا القروض للراغبني يف السكن بادون االعتاداد بااملالءة املالياة للمقترضني. فقد توسعت املؤسسات املالية األمريكياة يف مانح قروض سكنية لعدد كبري من األفراد لتمويل شراء وحدات سكنية. ودعم هذا االﲡاه مبوجب القاانون الاذي أصادرته اﳊكوماة يف األمريكية العام 4877 ، وينص على إمكانية حصول أية مؤسسة مالية على ضمانات لودائعها من اهليئة الفدرالية للتاأمني علاى الودائع، إذا التزمت باإلقراض إﱃ األسر األمريكية ذات الادخل املنخفض. ومع توسع البنوك واملؤسساات املالياة يف عملياات التمويل العقاري، ودون أخذ الضمانات الكافية، أ ثر ذلك سالبا هتا املالية. على قدرا وأدت أزمة الرهونات العقارياة املمنوحاة للمقترضاني ذوي الدخول املنخفضة بأسعار فائدة أعلى من سعر اﳋصم، إﱃ إطاالق أحالم متلك املنازل لطبقة من األفراد مل يكن بقدرهتا ﲢمل األعبااء أ ملبالغ الﱵ اقترضوها. ويف املالية الﱵ ترتبت على ا بريل 3001 أخاذ 1 للمزيد من التفصيل حول هذه األزمة واألسباب الﱵ أدت إليها، راجع: حازم الببالوي، األزمة املبلية الببملية اﳊ بلية: ﳏبرلة للفهة . جريادة املصري اليوم، العدد 4171 ، 1 / 40 / 3009 .

15

ال ل ن غرينسبان 1 يطري بالثناء على نظام الرهونات العقارية بسابب مساعدته يف زيادة حجم ملكية البيوت، ووص هذا النظاام بأناه "ميثل رد فعل السوق الذي دفع بصناعة اﳋدمات املالية لتحقيق أكرب مكانة هلا يف تاري البالد". ويف ذلك الوقت، مسح للمسؤ ولني عن ال بناوك االساتثمارية بدخول بنوكهم إﱃ هذا السوق اﳉديد، بل والتوسع فيه، وذلك ألنه كان لدى السياسيني وا ؤ ملس ولني عن التدخل اﳊكومي اعتقاد جازم بالقوى السحرية لألسواق وقدرهتا الذاتية على حل أية أزمة قد تنتج. ملشاكالت يف ولكن مل يدم هذا اﳊال طويال، فسرعان ما بادأت ا الظهور. وقد صاحب املشكالت الﱵ اجتاحات ساوق اإلقاراض العقاري األمريكي حدوث تدهور يف أسعار األسهم بشكل ملحوظ، وكانت أشد االهنيارات يف أسعار األسهم هي تلك الﱵ حدثت لبنوك (يو باي إس) و(إتش إس باي سي) و(باركليز) بسبب تعرضاها ملشكالت االئتمان العقاري. وقاد ذلك اﳉ ميع لعمليات بيع األسهم وبشكل هستريي.

يف رئيس بنك االحتياطي الفدراﱄ األمريكي الفترة ( 4897 - 3004 .)

1

16

شكل رقم ( 0 ) تطور األزمة المالية واالقتصادية الراهنة

الم در: Gert Wehinger. 2009. Lessons from the Financial Market Turmoil: Challenges ahead for the Financial Industry and Policy Makers. Paris: OECD. وبدأت األزمة تنتقل من الواليات املتحدة إﱃ أسواق املاال يف الند وماليزيا وهون غ كونغ وإ كل من تاي ندونيسيا وكوريا وسنغافورة وتايوان. ويف أوربا وُصفت األزمة بأهنا خطرية وقد هتدد النظام املاﱄ األور باي برمته. وسجلت أسواق املال يف كل من السويد وهولندا والنرويج وبلجيكا والنمسا والدامنارك وفنلنادا وبريطانياا وأملانياا وفرنسا وإ يطاليا اففاضات كبرية. كما تأثر بشدة مؤشار نيكااي الياباين. أما الصني فنظرا لعدم ارتباط البنوك فيها باألسواق األمريكية واألوربية، كان التراجع فيها أقل بكثري مما حدث يف نظري اهتا اآلسيوية أو يف البنوك األوربية أو بالطبع يف الواليات املتحدة.

17

األخبأس الرئيخية األ ري وال: طبيعة النظأم الرخمألي

شهدت الدول الﱵ تطبق النظام الرأمساﱄ عدة أزمات متواترة، تنوعت بني أزمات مصرفية وأزمات نقدية وأزمات ديون سايادية، حﱴ ميكننا أن نقول إن األزمات هي السمة الرئيسية الﱵ متيز النظام الرأمساﱄ 1 . وعلى سبيل املثال، ففي دراسة حديثة لصندوق النقاد الدوﱄ، تبني حدوث 431 أزمة منظومية حادة، تنوعت بني أزمات مصرفية وأزمات نقدية وأزمات دياون سايادية، يف دول العاامل املختلفة، وذلك خالل فترة 17 عاماا (مان عاام 4870 وحاﱴ 3007 ) 2 . كما كان من شأن تبﲏ العمل بأفكار مدرسة النقديني 3 ظهاور ما يعرف باﲡاه "الليربالية اﳉديدة" neo-liberalism ، الذي استند إﱃ ما أصبح يطلق عليه "إمجاع واشانطن" Washington Consensus ، يف وهي وثيقة صدرت العام 4898 وتشتمل علاى عشار وصاايا اقتصادية، منها: اﳋصخصة، وﲣفيض الضرائب على األثرياء، وﲢرير التجارة الدولية وانتقال رؤوس األموال... إﱁ. 1 لرصد أهم األزمات الﱵ مرت بالنظام الرأمساﱄ خالل فترة األربعني عاما املاضية، انظر: ﳏمد حسن يوس ، عدانيبت األزمة املبلية الببية مل . القاهرة: دار العال للنشر والتوزيع، 4888 . (ص ص 1 - 7 .) 2 Luc Laeven and Fabian Valencia. 2008. Systemic Banking Crises: A New Database . Washington DC, IMF. 3 ويطلق عليها أيضا اسم: مدرسة شيكاغو Chicago School ، وهاي عبارة عن ﳎموعة من االقتصاديني الذين يقومون بالتدريس يف جامعاة شيكاغو، وعلى رأسهم ميلتون فريدمان.

18

ومبرور الوقت، ازداد ااياز الليربالية اﳉديدة ﲡاه األساواق وعلى حساب دور اﳊكوماات أو تادخل الدولاة يف اجملاال االقتصادي. وهكذا استط اعت األسواق أن هتيمن على القارارات االقتصادية، مبا أطلق عليه "إطاالق ياد الرشاادة االقتصاادية لألسواق". وهكذا جند أن النظام الرأمساﱄ مل يكن قادرا على استهداف منع األزمات من اﳊدوث، وإمنا انصب جل مهه على اإلدارة الذكية ملثل هذه األزمات عند وقوعها 1 . ثأنيأ: آلية مي النظأم الرخمألي حتم التطور االقتصادي استخدام النقود وسيطا إلمتام املبادالت ، يف األسواق فاألصول العينية (أو السلع) يتم مبادلتها يف األسواق عن طريق النقود. مث ظهرت األوراق املالية من أساهم وأوراق ﲡارياة وسندات، لتزيد من حجم األصول املالية املتداولة، والﱵ متثل الثاروة العينية لالقتصاد. وأدى ذلك لظهور البورصات الﱵ يتم فيها تداول هذه األصول مل االية، وهو ما أعطى املتعاملني يف هذه األصول املالية درجة كابرية من الثقة يف سالمتها، وزاد من إقباهلم على التعامل فيها. ري وهكذا لعب القطاع املاﱄ (واملصريف بصفة خاصة) دورا كب ا يف زيادة حجم األصول املالية املتداولة وزيادة الثقة فيها. ومن هناا كانت بداية انقطاع الصلة بني االقتصاد املاﱄ واالقتصاد العيﲏ، حيث مت التوسع املاﱄ بإصدار أنواع متعددة من األصول املالياة املتنوعاة 1 فؤاد مرسي، الويمسبلية جتدد نفسهب . الكويت: سلسلة عاامل املعرفاة، 3771 .

19

بشكل مستقل عن االقتصاد العايﲏ، وأصابح لألساواق املالياة ا ستقالليتها عما ﳛدث يف االقتصاد العيﲏ 1 . ومما زاد األمور تعقيدا أن جزءا كبريا من املعامالت املالية ياتم خارج إطار األسواق الرمسية املنظمة. فعلى سبيل املثال، جند أن عقود املبادالت واﳋيارات، باعتبارها أهم عقود املشاتقات املالياة، ياتم التفاوض عليها والتعامل فيه ا خارج إطار البورصاات أو األساواق املالية. وهكذا تبعد هذه املعامالت عن وجود أية رقابة عليها، رغام تضخم حجمها بدرجة تفوق مجيع التوقعات. وبذلك أصبحت دورات املال يف القطاع املاﱄ مستقلة متاما عن القطاع العيﲏ، وال ﲣدم اإلنتاج يف شيء، وإمنا ﲣدم مصاﱀ املضاربة و أغراض ﲢقيق الثروات من أقصر طريق ممكن. وهو ما ميثال أهام تناقض يف تاري الرأمسالية، أي التناقض بني عامل املال وعامل اإلنتاج، وهو من أهم أسباب األزمة املالية واالقتصادية العاملية الراهنة 2 . ثألثأ: اال امأد المفرط أى نظرية العولمة لا دير مأ الدوي الغربية بد أت دعائم أفكار تيار احملافظني يف االساتقرار بادءا مان 4878 / 4890 ، فيما عُرف باﳊقبة التاتشرية - الريغانية 3 . وخالل تلك الفترة أيضا سادت أفكار مدرسة شيكاغو، وعلى رأساهم ميلتاون 1 حازم الببالوي، األزمة املالية العاملية اﳊالية: ﳏاولة للفهم. مرجع سابق ذكره. 2 إبراهيم العيسوي، يزمة النظبم الويمسبﱄ را اقاصبد املصةو . مصار: كتاب األهاﱄ، 3009 . 3 نسبة إﱃ مارغ ريت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا السابقة ورونالد ريغان رئيس الواليات املتحدة السابق.

21

فريدمان، الذي كان يؤمن بإرجاع مجيع التصرفات االقتصاادية إﱃ املصلحة الذاتية، وإﱃ مزايا األسواق اﳊرة، وإﱃ األضرار الﱵ ميكان أن تنتج عن ﳏاوالت الدولة للتدخل يف االقتصاد، وأمهية اساتخدام عرض النقود يف ﲢديد حجم التضخم. وهكذا ظهر إﱃ الوجود ماا يعرف باﲡاه "الليربالية اﳉديدة" الﱵ حلت ﳏل الفكر الليرباﱄ السائد قبل أزمة الث ي الثين ات، فأصبحت الس يادة املطلقة لألفكاار الرأمسالياة املتشددة، إﱃ أن وقعت الواقعة وحدثت األزمة املالية العاملية الﱵ ﲣنق االقتصاد العاملي حﱴ اآلن. وميكن إرجاع األزمة املالية اﳊالية إﱃ ثالثة من األفكار احملورية الﱵ قامت عليها اﳊقبة التاتشرية - الريغ انية، وهي: o تدعيم فكرة . متلك املنازل بني املواطنني o عدم التدخل اﳊكومي لتنظيم األمور ا . ملالية o اإلميان املطلاق باألساواق وقادرهتا علاى إدارة اﳊيااة االقتصادية. فكل من هذه األفكار الثالث لعب دورا كبريا يف خدمة النظام الرأمساﱄ ألكثر من ثالثني عاما، مبا يف ذلك زيادة الرخاء وترساي اﳊرية. ولكن هذه األفكار الثالث ﳎتمعة تسببت يف حدوث األزمة املالية واالقتصادية العاملية، الﱵ ما زلنا نعاين من لثارها. وتزامن مع ذلك انتشار أفكار "ميلتون فريدمان"، لتسود مرحلة أخرى من الرأمسالية، فيما عرفت باسم "الرأمسالية النقدية"، يتم فيها الفصل التعسف ي بني االقتصاد اﳊقيقي أو العيﲏ والنقاود. مث تازداد ضراوة هذا االﲡاه الذي يفصل بني االقتصاد العيﲏ والنقدي بزياادة حدة التعامالت يف البورصات العاملية، وزيادة اساتخدام املشاتقات

21

املالية، وخلق أنواع ال حصر من هذه املشتقات وضخها يف األسواق املالية بغري حساب. ومع جناح تلك األفكار يف عقر دارها، بدأت الدول الغربية يف تصديرها لبقية دول العامل، يف إطار ما يعرف بالعوملاة االقتصاادية واملالية، والﱵ تعتمد على اﳊرية االقتصادية وعدم تدخل الدولاة يف النشاط االقتصادي وترك املؤسسات املالية واإلنتاجية دون أية رقاباة من الدولة. و كان دفاع الدول الغربية عن أفكار النظرية النقدية، ومان مث تطبيق العوملة، إمنا يعود باألساس إﱃ رغبتها يف التخلص من الركاود التضخمي الذي بدأ يضرب اقتصاداهتا منذ بداية حقبة الثمانيني ات من القرن املاضي، ورغبة تلك الدول يف تصري الفوائض اإلنتاجية لديها إﱃ بقية د ول العامل، من خالل رفع اﳊواجز والقيود اﳉمركية مان طريق السلع واﳋدمات الغربية. ألنظمة الم رفية اربعأ: اخا اره الفخأد وايأس ال فأفية في ا من املعلوم أن الشركات املالية عند تقومي نشاطاهتا اإلنتاجياة واالستثمارية، واملصارف عند قيامها بأنشاطة اإلقاراض ومانح االئت مان املصريف، تعتمد على البياناات الاﱵ تنشارها اﳉهاات املقترضة، سواء يف امليزانيات العمومية أو قوائم الادخل أو قاوائم التدفقات النقدية. وعلى ذلك تقيم ا لبياناات املختلفاة و ﲡاري عمليات التحليل املاﱄ للتأكد من قدرة املقترضاني علاى الوفااء بالتزاماهتم ﲡاه مقرضيهم، ومع رفة حقيقة مراكزهم املالية واملاالءة املالية لشركاهتم، ومدى قدراهتم على السداد، وتوافر الضامانات الالزمة إلمتام التعامالت املالية معهم من عدمها.

22

ولكن، ولألس الشديد، أفرطت البنوك واملؤسساات املالياة كثريا يف االلتزام بتلك الشروط، والتأكد من صاحة بياناات مان يقرضون ه، وعدم العمل مببدأ الشفافية يف عرض البيانات والتأكد من عدم تزويرها أو التالعب فيها، مما أدى لوقوع اﳉهات املقرضاة يف خطر اإلفالس، وذلك بعد اتضاح عدم دقة أو صحة الكاثري مان البيانات الﱵ اﲣذت قرارات التمويل بناء عليها. أمخأ: ايأس نظرية اما أدية افخر األ مة الحألية واقارح خبي ال روج منلأ إن ما يعاين منه النظام االقتصادي العاملي اآلن ليس أزمة سيولة تتطلب ض كل تلك األموال الﱵ قامت معظم الادول الرأمسالياة بتدبريها إلنعاش النظام املاﱄ العاملي. بل قد يكون ما يعاين منه النظام االقتصادي العاملي بالفعل هو عدم وجود ن ظرية اقتصادية تفسر سبب حدوث هذا "اإلعصار" املاﱄ، وما النتائج الﱵ سوف تترتب علياه. فعلى مدار العقود الثالثة املاضية، كرس االقتصاديون طاقاهتم الفكرية إلثبات استحالة حدوث تلك الكوارث. وكانوا يقولون بأن نظاام ال السوق كفيل بإعادة أي اخت ل - إن حدث - إﱃ نصابه ال صحيح. كما كانوا يستبعدون بالطبع الطمع أو اﳉهال أو القلاق أو ساوء التقدير أو العوامل السياسية من حساباهتم. فقد ظلت الرأمسالية تسري على نفس أفكاار كي نااز ، إﱃ أن اعتلى التيار احملافظ سُدة اﳊكم يف أكرب دولتني رأمسااليتني 1 ، وهاو التيار الذي أراد أن يعود بالرأمسالية إﱃ نقاوهتا السابقة، ويعيد أفكار 1 أي الواليات املتحدة واململكة املتحدة، فيما يعرف باﳊقباة التاتشارية الريغانية.

23

لدم مسيث مرة أخرى عن ضرورة ترك األسواق تصاحح نفساها تلقائيا، وذلك بإطالق "اليد اﳋفية" فيها، واقتصار دور الدولة علاى ﳎرد توفري خدمات األمن والعدالة وحسب، وانسحاهبا من النظاام متاما. االقتصادي فمنذ فترة قليلة كان التيار الفكري السائد هو التيار املواﱄ ملزيد من اﳊرية والليربالية يف اﳊياة واألسواق، وكان يشيد دائما بالطاابع القوي واملذهل الذي يغلب على أداء األسواق املالية، وكاان هاذا التيار الفكري يصم كل من ينادي بالتدخل ؤ يف شا ون االقتصااد بالغباء الشديد. أما اآلن، فنحن ﲝاجة ماسة إﱃ اقتصادي قدير، مثال جاون مينارد كيناز ي ري يف ثالثين أثناء أزمة الكساد الكب ات القرن املاضاي، لكي يضع لنا إطارا نظريا ميكن أن هتتدي يف ظله الدول الرأمسالياة للخروج من أزمتها، وﲡاوزها لكي تستعيد أنشاطتها االقتصاادية وعافيتها املالية من جديد.

24

املبحث الثاني

طرق الج األ مة

كافحت الصناعة املالية باإلضاافة إﱃ صانعاع السياساات الحتواء االهنيار الذي تسببت فيه األزمة املالية واالقتصادية العاملية. وقد اﲣذ العديد من اإلجراءات هلذا الغرض خاصة ، للتعامل ماع املشكالت الﱵ نشأت من جرائها. وتضمنت تلاك اإلجاراءات توفري الدعم ملقرض ي الساب برامي sub-prime ، وإجراءات البنوك املركزية لتدعيم السيولة، وإ نقاذ املؤسسات املالية الرئيسية، وتوفري ضمانات حكومية أكثر عمومية وتنسيقا، وضا رؤوس أماوال للصناعة املالية. وقد بادرت الدول الرأمسالية فور ﲢققها من ضاخامة األزماة املالية واالقتصادية العاملية الﱵ ضربت اقتصاداهتا إﱃ اﲣااذ التادابري واإلجراءات الﱵ من شأهنا ﲣفي لثارها وتقليل حدهتا. وميكن إﳚاز أهم تلك احملاوالت فيما يلي: العناصر الرئيسية ﳋطط اإلنقاذ الرئيسية للقطاع املاﱄ يف أكتوبر 3009 1 :

1 Wehinger, Gert. 2008. Lessons from the Financial Market Turmoil: Challenges ahead for the Financial Industry and Policy Maker . Paris: OECD, 1-35.

25

الواليأ الماحدي: برنأمج إاأثة األ وي الماعثري بقأ نوا الطوارئ الما أدز لاحقيق االخاقارر ا يف الثالث من أكتوبر عام 3009 ، وافق الكونغ رس األمريكاي ووقع الرئيس بوش على قانون أعده اﳊزبا ن اﳉمهوري والدميقراطي، د القتصاادي. ويعا عُرف باسم قانون الطوارئ لتحقيق االستقرار ا القانون الذي يتكون من 448 ملقترح صفحة، امتدادا وزارة اﳋزاناة األصلي الذي يتكون من ثالث صفحات، ﳋطاة شاراء األصاول الرديئة، وذلك هبدف تقليل املخاطر فيما يتعلق بقيمة األصول املتبقية يف أسواق االئتمان. واستعادة الثقة وتعد نسخة معدلة ومطولة من برنامج إغاثة األصول املتعثارة األصلي جزءا أساسيا من قاانون الطاوارئ لتحقياق االساتقرار االقتصادي وتعطي وزير اﳋزانة األمريكي سلطات واساعة ومرناة إلنفاق ما يصل إﱃ 700 مليار دوالر لشراء أصول الرهن العقااري والتأمني عليها، وكذلك األوراق املالية، وذلاك حساب اﳊاجاة لتحقيق االستقرار يف األسواق املالية يف الواليات املتحادة. وﳜاول القانون وزارة اﳋزانة لتصميم وتوظي العديد من األدوات لتعزياز ميزانيات البنوك. كما أنه ال يسمح فقط، كما هو اﳊال يف اﳋطاة األصلية، بالشراء املباشر لألصول املتعثرة غري السائلة من البنوك (من خالل إجراء املناقصات)، ولكن أيضا باالستثمار يف أسهم البناوك املتعثرة، وتوفري ضمانات القروض وغريها. ت ملقرر أن ومن ا ستخدم الشرﳛة األوﱃ من املبلاغ املخصاص لربنامج إغاثة األصول املتعثرة يف برنامج شراء رأس املاال هبادف "تشجيع املؤسسات املالية األمريكية لبناء رأس املال لزياادة تادفق التمويل للشركات واملستهلكني يف الواليات املتحدة ولد عم االقتصاد

26

األمريكي". ومبوجب هذا الربنامج، قامت وزارة اﳋزانة األمريكياة بشراء ما يصل إﱃ 310 مليار دوالر من األسهم املمتازة الكاربى، واملؤهلة كأموال املستوى األول، من البناوك ومجعياات االدخاار األمريكية املؤهلة، وبنوك معينة وشركات ادخار وإقاراض معيناة تشارك يف األنشطة املالية فقط. ويصل مبلاغ اﳊاد األد املتااح للمؤسسات املشاركة إﱃ 4 % من األصول احملفوفة باملخاطر، واﳊاد األقصى هو 1 % أو 31 مليار دوالر أمريكي. وخالل فترة املشاركة، ﳚب على املؤسسات أن تعتماد معاايري وزارة اﳋزاناة ﳊوكماة الشركات والتعويض التنفيذي. ويف 41 أكتوبر 3009 ، قامت تساع مؤسسات مالية كربى، تضم أكثر من 10 % مان مجياع الودائاع واألصول األمريكية، بالتوقيع على الربنامج مع حقن رؤوس أماوال تبلغ 431 ال مليار دو ر أمريكي. االاحأد األوروبي: طة مي منخقة ما مبي مجأس االاحأد األوروبي األوروبية وضمأنأ ما البنوك ال وطنية وافق رؤساء دول منطقة اليورو يف 43 أكتوبر 3009 على خطة عمل أوربية منسقة، والقت تلك اﳋطة دعما مان مجياع الادول األعضاء يف االﲢاد األورو باي يف األسبوع التاﱄ. فمن أجل استعادة الثقة وحسن سري العمل يف النظام املاﱄ، يهدف هذا املنهج املنساق إﱃ: ير ا : ضمان ت وافر سيولة مناسبة للمؤسسات املالية. ربنيب : العمل كعنصر مكمال إلجاراءات البناك املركازي األورو باي يف سوق النقد بني البنوك، ولتيسري التمويل من البناوك، و ال سيما من خالل ضمانات أو تأمينات حكومية لتاأمني الاديون

27

املصرفية الكبرية متوسطة األجل (سوف تكون هاذه اإلجاراءات م ؤقتة، حﱴ 14 ديسمرب 3008 ، وينبغي أن هتدف لتجنب أي تشويه يف مستوى اجملال احملدد). ربلثب : تزويد املؤسسات املالية مبوارد رأمسالية إضافية، من خالل اﳊصول على أسهم ممتازة، وحث املشرفني الوطنيني علاى تنفياذ القواعد التحوطية الستعادة االستقرار يف النظام املاﱄ. راابب : السماح إلعادة رمسلة كفؤة للبنوك املتعثرة، وذلك مان خالل االستفادة من أموال دافعي الضرائب، وضمان أن املساامهني واإلدارة اﳊالية تتحمل العواقب احملتملة بسبب التدخل (إعادة الرمسلة الطارئة سوف يعقبها خطة إعادة اهليكلة املناسبة). خبمسب : ضمان املرونة الكافية يف تنفيذ قواعد احملاسبة، خاصاة فيما يتعلق بتصني األدوات املالية الﱵ تستخدمها البنوك بني الدفاتر التجارية واملصرفية، والسماح للمؤسسات بتقييم أصوهلا مبا يتفق مع ﳐاطر الفروض االحترازية بدال من القيمة السوقية اﳊالية الﱵ قاد ال تكون مناسبة ألسواق تتميز بعدم السيولة. سبدسب : إجراءات تعزيز التعاون بالسماح بتبادل املعلومات بني اﳊكومات األوروبية، ورئيس اجمللس األور باي، ورئيس املفوضاية األوروبية، ورئيس البنك املركزي األور بااي، ورئايس ﳎموعاة اليورو. وكجزء من خطة العمل املنسقة، تعهدت ﳐتلا حكوماات االﲢاد األور باي على املستوى الوطﲏ بتقدمي ما ﳎموعه 4971 مليار يورو ضمانات لقطاعاهتا املصرفية. وتقوم اﳊكومة األملانية بإصدار ما يصل إﱃ 100 مليار يورو يف شكل ضامانات ائتمانياة لعملياات اإلقراض بني البنوك وإنشاء صندوق بقيمة 400 مليار ياورو لضا

28

رأس املال يف املؤسسات املالية واﳊصول على األصول غري الساائلة. وتلتزم فرنسا بضمان ما يصل إﱃ 130 مليار يورو قروضا بني البنوك وتوفري 10 مليار يورو يف شكل رأس مال جديد للبناوك، وذلاك ل هبدف رفع البنوك إﱃ املستوى األول تبلغ نسب رؤوس أمواهلا 8 % (لكي تكون على نفس املستوى مع البنوك الربيطانية). كما انضمت حكومات كل من هولنادا وإسابانيا وإيطالياا والنمسا والربتغال والنرويج الﲣاذ إجراءات مماثلة، وتعهادت مباا ﳎموعه 104 مليار يورو ضمانات ورؤوس أموال. وتلتزم حكوماة اململكة املتحدة بتقدمي 17 مليار جنيه إ سترليﲏ كرأس ماال جدياد لثالثة من أكرب البنوك يف البالد كجزء من خطة اإلنقاذ البالغاة 100 مليار جنيه إ ألورو باي. سترليﲏ والﱵ أعلنت بالفعل قبل قرار االﲢاد ا

29

الفصل الثاني

ادا يأ األ مة المألية واالما أدية العألمية

لعل من أهم ما مييز األزمة املالية واالقتصادية اﳊالية هاو ماا ست تركه على وجه العامل من لثار. وااول يف هذا الفصل التمييز بني التداعيات الﱵ ستحدث على الصعيد العاملي، وهو ما سانفرد لاه املبحث األول. مث نستعرض أهم التداعيات على الصعيد العر يف باي املبحث الثاين. ومن اﳊقائق التارﳜية املربكة أن التحوالت يف أوضاع القاوى العظمى يف االقتصاد العاملي تكون خطرية. كما أهنا غالبا تتزامن ماع حدوث اضطرابات مالية شديدة واضطرابات يف أسواق العماالت وخالفات ﲡارية. وينجم ذلك عن أن القوة اﳊديثة الناشائة غالباا تكون دولة دائنة وتتبع سياسات محائية ﲝيث يدفعها ذلك للتردد يف ﲢمل املسؤولية الدولية مبا يتناسب مع قوهتا االقتصادية. ولنتأمل يف انتقال اهليمنة من بريطانيا إﱃ الواليات املتحادة يف ال ملية األوﱃ. فمنذ أعقاب اﳊرب العا عام 4849 ، رفضت الوالياات املتحدة معاهدة فرساي، واختارت الرحيل من عصبة األمم، ومل يكن لديها ما تفعله إزاء التعويضات األملانية، ر غم قيامها ﲜماع دياون اﳊرب من اﳊلفاء. وقد مسح املوق الليرباﱄ لربيطانيا من التجاارة،

31

للواليات املتحدة بتحقيق فوائض ﲡارية كبرية. ويف هاذه األثنااء، واصل بنك االحتياطي الفدراﱄ، حيث كانت تعوزه اﳋربة واﳊنكاة الالزمة، السياسات النقدية املتساهلة يف العشاريني ات مان القارن املاضي، بينما كان ﳛاول بشدة دعم اﳉنيه اإلسترليﲏ املريض. يف وعندما استشعر بنك االحتياطي الفدراﱄ الفقاعة الناﲡة العام 4838 كان الوقت متأخرا، حيث وصل االنتعاش الذي صاحب فترة العشريني ات من القرن املاضي إﱃ هناية مفاجئة كمقدماة ﳊادوث الكساد الكبري، وما أعقب ذلك من اهنيار للبنوك وركود اقتصاادي عظيم. وحيث قامت الواليات املتحدة بتصدير مشكلة نقص الطلب لديها إﱃ بقية العامل، فقد أخفقت يف توفري القياادة ملناع تفشاي التخفيضات التنافسية الكارثية يف قيم العملة كما مل تكن راغباة يف ملالذ األخري العاملي للبنوك املنهارة. القيام بدور مقرض ا واملثال التقليدي الثاين ﳊالة ما بعد اﳊرب هي اليابان. فقد كان النمو االقتصادي الياباين منوا يقوده قطاع الصادرات، وتعزز بتقاومي الني بأقل من قيمته وباإلعانات الﱵ دفعت ل لمصدرين. وكان هذا هو النموذج السائد طاملا مل تكن اليابان قوة اقتصادية كبرية. ومع ذلاك فبحلول أواخر الستيني ات من القرن املاضي أصبحت اليابان ثاين أكرب اقتصاد يف العامل. وكان لديها أيضا فائض ﲡاري هائل مع الوالياات املتحدة. وكان للجهود الدولية الﱵ ب ذلت ملعاﳉ ة االختالالت وﲢقياق غا الر املغاﱃ فيها يف عهد ري االستقرار لقيمة الدو ان عواقاب غاري مقصودة، ليس أقلها أن التدخل الياباين يف سعر الني يف مقابل الدوالر كان له نفس النتيجة احملفزة لتكوين الفقاعة متاما مثل اﳉهاود الاﱵ بذهلا بنك االحتياطي الفدراﱄ لدعم اﳉنيه اإلس ترليﲏ يف عام 4837 .

32

وقد أدى انفجار هذه الفقاعة إﱃ الدخول يف عشرين سنة من الركود االقتصادي. ويتمثل التحدي الصيﲏ للواليات املتحدة يف أن النمو املتحقاق تقوده أيضا الصادرات، وأن فائضها يف اﳊساب اﳉاري هاو أكارب مساهم ﳊدوث ﲣمة املدخرات األوروبية اآلسيوية، الا ﱵ أدت إﱃ فقاعة االئتمان واالختالالت العاملية الﱵ كانت وراء األزماة املالياة واالقتصادية الﱵ مل يتعاف االقتصاد العاملي من مجيع لثارهاا بعاد. ولكن رغم جناح النموذج االقتصادي الصيﲏ، فإنه يولد إفراطا كبريا يف االستثمار وتوزيعات ﳐلة للناس العاديني، الذين يتوا فر هلام أد نصيب من االستهالك اﳋاص يف الناتج احمللي اإلمجاﱄ يف دول لسيا. ويف بلد تتمتع بتحقيق معدالت منو تزيد على 40 % مثل الصني، جند أن معدل منو التشغيل ال يتجاوز 4 % فقط سنويا، يف حني أن العوائد اﳊقيقية على املدخرات تعد سلبية. وكما كان هو اﳊال مع الياباان يف فترة ذروهتا االقتصادية، فإن االقتصاد يفرز نوعياة أفقار مان مستويات املعيشة عما ميكن أن تشري إليه أرقام متوسط نصيب الفرد من الدخل، وذلك يف ظل انتشار التلوث واملواد الغذائية املغشوشاة وظروف العمل السيئة، وهي كلها عوامل تشكل هتديدات للصاحة العامة. ومل يكن من املمكن أن يتحقق معدل النمو الصيﲏ الذي تقوده الصادرات، والذي تعزز بالقيمة املنخفضة لعملتها، الرمنين مل بااي، يكن من املمكن ﲢقيق ذلك إال ألن الواليات املتحدة وبلدان العجز األخرى كانت على استعداد للقبول بديون كبرية لتمويل االستهالك العائلي واإلنفاق اﳊكومي ا آلن. والعقبة هي أن االختالالت الناﲡاة ليست مستدامة، ألن نقطة استنفاد الدين وشيكة اﳊدوث. على أن

33

تشارلز دوماس، رئيس وحدة ﲝوث لومبارد ساتريت، يف كتاباه امل عنون "كسور العوملة: كي أصبحت مصااﱀ الادول الكاربى متعارضة اآلن" Globalization Fractures ، وهو كتاب جديد عن التعارض يف السياسات الﱵ تتبناها الدول الصناعية الكربى، ﳚاادل بأن استجابة السياسات هلذه األزمة قد ركز على نطاق ضيق علاى القضايا املالية بدال من االختالالت يف التوازن العاملي 1 . فما اتاجه على الصعيد العاملي هو عالج كل من الدول املدينة والدول الدائنة إلعادة التوازن يف اقتصاداهتا. فتحتاج الدول املدينة إﱃ ترتيب ميزانياهتا، يف حني ﲢتاج الدول الدائنة لزيادة االستهالك احمللي ولتعومي عمالهتا ولتقليل االعتماد على الصادرات. وهذا كلاه مان ، يف مصلحة الصني نفسها شأنه أيضا أن يصب ألن اقتصادها يف حالة الل التوازن ، فهي اخت ال تستطيع، من بني األمور األخارى، مناع التضخم وفقاعات أسعار األصول أثناء إدارهتا لسياسة سعر صارف منخفضة بشكل مصطنع. ومع ذلك، توجد عقبات هائلة ﲢول دون إجراء أي تغيري. وكما يقول دوماس يف كتابه، فإن التخفيا مان إل سيطرة اﳊكومة على مواطنيها هو الشيء الرئيسي عادة التاوازن ﲡاه االستهالك، ولكنه يظل شيئا غري مرجح اﳊدوث. كما توجاد أيضا ﳎموعات ضغط قوية ضد التغيري، ليس أقلاها عادم كفااءة املنتجني الذين مت تكديس أعماهلم بعمال أكثر من احتياجات العمال نتيجة الففاض قيمة العملة والذين يعتمد بقااؤ هم مان الناحياة االقتصادية على مزيد من ﲣفيض العملة.

Charles Dumas. 2010. Globalisation Fractures: How Major Nations' Interests Are Now In Conflict . Profile Books Ltd.

1

34

هناك إذن مأزق يف السياسة الصينية. فكي ميكان للعاامل أن ينجو من عواقبها االقتصادية الوخيمة احملتملاة قاد يكاون مان السيناريوهات استجابة الواليات املتحدة للتباطؤ االقتصادي الوشيك با تباع سياسات مالية ونقدية مرنة، على حساب تراكم املزيد مان الديون والعجز يف وقت الحق. ومثة سيناريو لخر يتمثال يف قياام السياسات احملافظة املالية األمريكية مبنع إجراءات ﲣفيض امليزانية، يف الوقت الذي تظل فيه السياسة النقدية متساهلة. فقد يتسبب هاذا يف ألمريكي عاجال وليس لجال. ﲣفيض عجز اﳊساب اﳉاري ا ويف كلتا اﳊالتني، قد تزي د املخاطر باﲣاذ ردود فعل محائية ضد الصني. ويف ظل كل من السيناريوهني، قد ترى الادول الدائناة يف العامل يف هناية املطاف أن أسواقها الرئيسية ﲡا . ويظال الفارق الرئيسي يف التوقيت. وهكذا يكون السؤال املطاروح هاو: ماﱴ تستيقظ بقية الدول الدائنة ومن أس أن ﳜلو هذا ال تحليل عان ذكار أي دور للادول العربية يف هذا السباق احملموم بني الدول الكربى، ﲝيث سيظل على هذه الدول أن تظل يف موق املتفرج لالعبني الكبار، دون أن يكون هلا أية حظوظ يف التأثري على نتيجة املباراة. ولكن يظل أمامها التفكري يف اﳋروج بأفضل النتائج هلا، ﲝيث تتبع السياسات الﱵ يكون مان شأهنا دعم اقتصاداهتا ألقصى مدى ممكن ومان مث ﲢقياق أقصاى استفادة ممكنة.

35

املبحث األول

الادا يأ أى ال عيد العألمي 1

رغم كثرة األزمات الﱵ مُﲏ هبا النظام الرأمساﱄ منذ نشأته وحﱴ اآلن 2 ، تعد و ألعنا ، األزمة املالية اﳊالية هي ا يتوقاع أن تتارك بصمات واضحة على مجيع دول العامل، بل وعلى هيكال النظاام االقتصادي العاملي ذاته 3 . وميكننا ﲝث مخسة تداعيات أساسية تركت أو سوف تترك بصماهتا على االقتصاد العاملي، وهي: 4 - . هتاوي اإلطار النظري والفلسفي للرأمسالية العاملية 1 اعتمدت األ فكار املطروحة يف هذا املبحث يف جزء كبري منها على اآل راء الﱵ وردت يف الفصل الثاين من كتابنا " عدانيبت األزمة املبلية الببملية ." 2 انظر إﱃ كم األزمات الﱵ ضربت االقتصاد العاملي مناذ ال عاام 4874 وحﱴ اآلن. ويرى بعض االقتصاديني أن األزمات االقتصادية هي مساة أساسية كا منة يف بنيان النظام الرأمساﱄ، فال ميكن أن يهرب من حدوثها. وقد أحصت دراسة حديثة صادرة عن صندوق النقد الدوﱄ ااو 431 أزمة مصرفية حادة واجهت دول العامل املختلفة خالل الفترة من 4870 حﱴ 3007 - راجع ذلك يف: Leavens, L. & F. Valencia. (2008). Systemic Banking Crises: A New Database . IMF WP 08/224. Washington, DC: IMF. 3 ملعرفة األسباب الﱵ ﲡعل هذه األزمة اﳊالية ذات طبيعة ﳐتلفة عن بقية األزمات السابقة، انظر: ناز يرة األفندي ( 3009 .) األزمبت املبليةة: رؤية مقبرنة . ﳎلة السياسة الدولية، العدد 471 ، يناير. القاهرة : مؤسسة األهرام.

37

3 - عدم فعالية النظام املؤسسي لالق تصاد العا . ملي 1 - تغيري سياسات التنمية ا . ملتبعة 1 - إعادة النظر يف العالقة بني دور الدولة وقوى السوق. 1 - إفساح اجملال لالعابني جادد لتحدياد معاامل االقتصااد العا . ملي ونستعرض فيما يلي كال من هذه التاداعيات بشايء مان التفصيل: وال : الأوز اإلطأر النظرز والفأخفي لأرخمألية العألمية 1 ليس هناك من شك يف أن الرأمسالية تواجه اليوم مأزقا أخالقياا كبريا، ذلك أن قادة الفكر االقتصادي الذين ميسكون مبقاليد األماور ا يف االقتصاد العاملي والذين كانوا دائما ينصحون ب تبااع وصافات متشددة تنبع من تعاليم األصولية الرأمسالية يف أية كبرية أو صغرية... هؤالء القادة هم أنفسهم الذين كانوا أول من يتخلاى عان هاذه األفكار، بل وأصبحوا يطبقون عكسها حينما عصفت األزمة املالياة العاملية باقتصادات بالدهم. واملتأمل يف تاري الفكر االقتصادي، يعرف أن هذه ليست هي املرة األوﱃ الﱵ يقوم أتباع الرأمسالية باﲣاذ ه ذا النهج عند معاﳉتاهم للمشكالت الﱵ يواجهو ، هنا فحينما حادث الكسااد الكابري يف الث ي الثين ات من القرن املاضي وعص باقتصاادات أعاﱴ الادول الرأمسالية يف ذلك الوقت، كان اﳊل الذي ناادى باه االقتصاادي 1 يعتمد هذا اﳉزء متاما على مقال للمؤل بعناوان: " املةزز اﳊةبﱄ للويمسبلية الببملية ر بر اإلطبر النظو هلب "، منشور يف ﳎلة األهارام االقتصادي، عدد رقم: 3094 ، بتاري 31 / 44 / 3009 .

38

الربيطاين الشهري جون مينارد كي ناز هو قيام الدولاة بالتادخل يف النشاط اال قتصادي إلعادة األمور إﱃ نصاهبا 1 . ففي كتابه " النظوية الببمة يف الاشغيل رالفبئدة رالنقةود " 2 الذي ظهر إﱃ الوجود ال يف عام 4814 ، أوضح كيناز أن الكارثاة الﱵ تواجه الواليات املتحدة والعامل الغر باي يف الواقع ليسات إال نتيجة لنقص االستثمار الذي تقوم به املشروعات اﳋاصاة. ولاذا اقترح عالجا منطقيا للغاية - من وجهة نظره - يتمثل يف ضارورة قيام اﳊكومة بسد هذا النقص الذي ليس بقدرة املشروعات اﳋاصة القيام به. على أن هذه الفكرة مل يستسغها اقتصادي لخر، هو جوزيا ش ومبيتر. ولعل هذا االقتصادي يعرفه دارسو علم االقتصاد بكتاباه املوسوعي عن " عبريخ الاحليل ا اقاصبد " 3 ، والذي جاء يف 4300 هل صفحة تقريبا. على أن ذا الرجل كتابا لخر أكثر أمهياة، بعناوان " الويمسبلية را اشاواكية رالدميقواطية " 4 ، يف ظهرت أوﱃ طبعاته العام 4813 . ورمبا ك ان السبب وراء ظهور هذا الكتاب هو عدم قناعاة شومبيتر باﳊل الذي قدمه كيناز من وجهة النظر األخالقية. فقاد 1 بالطبع تعد هذه الفكرة غريبة على النظام الرأمساﱄ، إذ إن فلسفة هاذا النظام هي ترك األمور على أعنتها لكي تصحح نفسها بنفسها، فكي يكون اﳊل ﳋروج النظام الرأمساﱄ من عثرته هو تطبيق نقيض ما ينادي به ولذا انتظرت هذه األفكار وقتا طويال قبل تطبيقها ﲢات ضاغوط وطأة أزمة الكساد الكبري لنذاك. 2 Keynes, J. M. (1936). The General Theory of Employment, Interest, and Money . New York: Harcourt, Brace. 3 Schumpeter, J. (1994). History of Economic Analysis . London: Routledge. 4 Schumpeter, J. (1994). Capitalism, Socialism and Democracy . London; New York: Routledge.

39

أدان شومبيتر كتاب كيناز بعبارات قاطعة، وكاان باني أخطااء كيناز وعيوبه األكثر خطورة من وجهة نظر شومبيتر هو إصارار كيناز على اﳉمع بني النظرية االقتصادية والسيا سة العملية. ويف او 430 صفحة تقريبا، ﳛاول شومبيتر اإلجابة عن السؤال الذي عنون به الفصل الثاين من كتااب الويمسبليةة را اشةاواكية رالدميقواطية ، وهو "هل تستطيع الرأمسالية البقاء" ويستهل إجابتاه بالقول: "ال، أ ال عتقد أن بإمكاهنا ذلك". وقد تصدم هذه اإلجاباة القارئ ، إال أهنا قد تكون وسيلة جذابة إلثارة انتباهه. وقاد كاان غرضه هو ﲡريد الرأمسالية إلظهارها بدون رتوش، فيستطيع باذلك شرح كيفية عملها وبيان أوجه مزاياها، حﱴ يستطيع بعد ذلاك أن يفند عيوهبا ويظهر عوارها. مل يكن شومبيتر مثل كارل ماركس ثائرا على الرأمسالية ويتمﲎ ز واهلا. بل على العكس من ذلك كان ﳛب الرأمسالية، ويتمﲎ معرفة أسباب ضعفها حﱴ يُجنبها مصريها احملتوم من االهنيار لكي ﲢل ﳏلها االشتراكية. لذا كان سائدا لديه أنه إذا كانات االبتكاارات هاي "اﳊافز الرئيسي الذي يدفع عجلة الرأمسالية للدوران"، فإن النهاية قد تأيت م ن استنفاد االبتكارات املمكنة. وهكذا فإذا كان من املفتارض وصول التحسينات الﱵ ميكن إدخاهلا على طرق اإلنتاج إﱃ حدودها القصوى، ففي هذه اﳊالة "لن يكون أمام املنظمني أي شيء لعملاه. وهكذا يكون من املتوقع أن تتقارب األرباح ومعدالت الفائدة، بال وتصل تدرﳚيا إﱃ الص فر... وباذلك ساوف تتالشاى الطبقاة البورجوازية الﱵ تعيش على األرباح والفائدة". والنهاية الﱵ يصل إليها شومبيتر هي أن الرأمسالية سوف تتالشى وتزول، وأن سبب ذلك يكمن يف قوة الرأمسالياة نفساها كنظاام

41

إنتاجي، يصل بعد فترة إﱃ غايته يف العملية اإلنتاجية، ﲝيث ال يكون ه إل ناك أي دوافع للمنتجني واملنظمني نتاج املزيد. وهكاذا فكماا كانت املقدمة ﳐتلفة بني شومبيتر وماركس، فإن النهاياة كاذلك ﳐتلفة بينهما. ففي حني يرى األول أن اهنيار الرأمسالية يكون بسبب قوهتا، جند أن الثاين يرى أن هذا االهنيار يكاون بسابب ضاعفها وفشلها. وميكن ﲢديد أهم أفكاار شاومبيتر يف كتااب الويمسبليةة را اشاواكية رالدميقواطية يف النقاط الثالثة التالية: ير ا : جوهر الرأمسالية هو االبتكار (أو " ال الادمري اﳋ " علاى حد قول شومبيتر) يف قطاعات معينة. وعلى ذلك فإن استخدام بعض أدوات بعينها يف التحليل االقتصادي، مثل ﲢليل التاوازن السااكن والتحليل الكلي، من شأنه أن ﳜفي اﳊقيقة، بال ويقاود لتضاليل أساتذة االقتصاد والطلبة الدارسني له على السواء. ربنيب - مثار الرأمسالية : يف حني أن مثل ثبات ا طاراد معادالت النمو االقتصادي - يصعب رؤيتها مباشرة، حيث ال يظهر أثرها إال يف األجل الط ويل. إال أن عيوهبا، مثال عادم املسااواة أو غلباة االحتكارات على النشاط االقتصادي، تكون قصرية األجل وواضحة للعيان. ربلثب : من اﳋطر للغاية بالنسبة لالقتصاديني أن يقدموا وصفات "عامة". وذلك نظرا لتمتع الظروف السياسية واالجتماعية احمليطاة بالتغري املستمر. وهكذا مل ي قتنع شومبيتر بتفسري ماركس الهنيار الرأمسالية مان خالل نظرية االستغالل، الﱵ مفادها أن أرباب األعمال يعملون على وجود ﳐزون من العمالة ﲝيث يؤدي هذا املخزون إﱃ اﳊفاظ علاى

41

مستوى الدخول منخفضا عند حد الكفاف. بل ويعتقد شومبيتر أن هذا التفسري قد دحضته التجربة العملية. ويف الطبعات الالحقة من الكتاب، ظهر ملحق ﳛمال عناوان " الطويق إﱃ ا اشاواكية " 1 . وهو جزء صغري مل تتجااوز صافحاته اإلحدى عشرة صفحة. وهو عبارة عن خطاب ألقاه شومبيتر أماام اﳉمعية االقتصادية األمريكية يف نيويورك يف 10 ديسمرب 4818 ، أي بعد ظهور الكتاب بسبعة أعو ام. ويف هذا البحث يتحدث شاومبيتر بصراحة عن التداعيات االجتماعية للرأمسالياة، فيقاول "ال تعاﲏ الرأمسالية ﳎرد احتمال قيام إحدى ربات البيوت بالتأثري يف عملياة اإلنتاج من خالل االختيار بني شراء البسلة أو اللوبياا، أو احتماال اختيار أحد الشباب بني ما إذا كان يريد ال عمل يف أحد املصاانع أو إحدى املزارع، أو أن مديري املشروعات لديهم بعض القدرة علاى اﲣاذ القرارات بشأن ماذا سينتجونه وكي - بل تعﲏ وجود نظاام من القيم، أو السلوك ﲡاه اﳊياة، أو حضارة: حضارة عدم املسااواة وزيادة حظوظ بعض األسر... ولكنها حضارة سرعان ماا تازول وتنتهي". ناز ال غرابة إذن أن نعرف ملاذا وجدت كتابات كي طريقها إﱃ الشهرة الواسعة، يف حني أن لراء شومبيتر مل تلق مثل هذا النجااح، رغم أن لراء األخري مل ينقصها اﳊجة والقوة. ولعل السبب الرئيسي وراء ذلك أن لراء شومبيتر كانت ترى ضارورة وجاود ناازعة أخالقية ﲢكم إطار عم ل الرأمسالية، وأنه إذا سقط اإلطاار النظاري هلذه النظرية فال بد أن ﲣتفي تلك النظرية بأسرها من التطبيق، وهي األمور الﱵ مل ﳛفل هبا كي ناز على اإلطالق. فلم يكن يهم كينااز

Ibid .

1

42

كثريا اإلطار النظري الذي تقوم عليه الرأمسالية، بقدر ما كان يهماه استمرارها وبقاؤها. وهكذا مي كن القول إن األزمة املالية اﳊالية الﱵ عصفت بأسواق الدول الرأمسالية تقعوض مرة أخرى األساس النظري الذي تقوم علياه الرأمسالية. فإذا كان أساس الرأمسالية هو إطالق "اليد اﳋفية" 1 لكاي تقوم األسواق بعملها، فإن قيام حكومات الدول املتضررة من األزمة املالية اﳊالية بالتدخل يف اقتصادها على او ما حدث قاد كشا عوار هذه األسس وعدم صالحيتها أو قابليتها للتطبيق. ولكن كل هذا ال يعﲏ فناء الرأمسالية أو زواهلا، كما دعاا إﱃ ذلك بعض احملللني االشتراكيني الذين يتمنون حدوث ذلك. وتلاك هي املفارقة الكربى يف األمر. فإذا كانت الرأمسال ية نظريا قد تقعوضت أركاهنا، فليس معﲎ هذا زواهلا من "التطبيق الفعلي". وهذا ما يعاﲏ أن يظل نوع ما من " الويمسبلية املتيبفيلية - " إذا جاز لنا إطالق هذا االسم عليها - على أرض الواقع. فالغاية - الﱵ هي ضارورة بقااء الرأمسالية واستمرارها تربر الوسيلة الﱵ هي تدخل الدولة يف النشااط االقتصادي. وهذا دائما ما يفسر استمرار بقاء الرأمسالية علاى أرض الواقع، رغم هتاوي اإلطار النظري الذي ﳛكم وجودها. وهاو ماا رفضه شومبيتر وقلة من كبار االقتصاديني من قبل. ومع هتاوي اإلطار النظري للرأمسالية العاملية، يتصدع كاذلك البنيان الفلسفي ال ذي كان ﳛكم هذا اإلطار، أال وهاو "الليربالياة اﳉديدة". والليربالية اﳉديدة neo-liberalism ، وفقا لتعري إليزابيث مارتيناز Elizabeth Martinez وأرنولادو جارسايا Arnoldo 1 وهو التعبري الشهري الذي استخدمه لدم مسيث لشرح للية عمل النظاام مساﱄ. الرأ

43

Garcia يف الورقة البحثية املعنونة "ما هي الليربالية اﳉديدة" 1 ، هاي ﳎموعة من السياسات "االقتصادية" الﱵ صبغت شكل العامل علاى مدار األربعني عاما املاضية تقريبا (منذ أوائل الثمانيني ات من القارن املاضي أو قبل ذلك بقليل). ولعل من أهم لثار انتشار هذا املفهاوم على املستوى العاملي هو ما حدث من فجوات كبرية تفصال باني األغنياء والفقراء، حيث ازداد األغنيا ء ثراء وازداد الفقراء فقرا 2 . وإذا كان وص الليربالية باﳉديدة يوحي بأننا نتكلم عن شيء جديد قد أضي إليها، فيحسن بنا أوال أن ناتكلم عان الليربالياة "القدمية" أو ما اصطلح عليه بالليربالية liberalism . ذلك أن الليربالية اﳉديدة تعد نفسها وريثة الليربالية، وهي الع قيدة االقتصاادية الاﱵ سادت الفكر االقتصادي منذ أواخر القرن التاسع عشر حﱴ أوائال القرن العشرين. وقد حازت املدرسة الليربالية يف االقتصاد شاهرهتا بانتشار أفكار االقتصادي األ سكتلندي لدم مسيث يف كتابه الشاهري " ثروة ا " ألمم الذي ظهر إﱃ الوجود ال يف عام 4774 . لقد داف ع هاو ومن تابعه من أنصار املدرسة الكالسيكية عن إلغاء تدخل الدولة يف الشئون االقتصادية، وطالبوا بإزالة مجيع اﳊواجز. فنادوا بعدم وضاع القيود على التصنيع، وعدم وضع اﳊواجز أمام التجارة، وعدم فرض

Martinez, Elizabeth & Garcia, Arnoldo. (2000). What is "Neo-Liberalism?": A Brief Definition .

1

2 ﳚب أن يكون واضحا أن مصطلح "الليربالية" له استخدام خااص يف الواليات املتحدة. فإذا كان هذا املصطلح من وجهة النظر االقتصاادية يعﲏ نفس املفهوم يف مجيع دول العامل تقريبا، إال أنه يف الواليات املتحدة كانت الليربالية السياسية عبارة عن إستراتيجية هتدف ملناع الصاراع االجتماعي. وقد سوق هذا املصطلح إﱃ الفقراء وصغار العاملني على أنه برنامج مس تمر باملقارنة بأفكار احملاافظني conservatives أو اﳉنااح اليميﲏ. ومن هذا املنظور ﲣتل الليربالية االقتصادية عن ذلك متاما.

44

التعريفات اﳉمركية. فمن وجهة نظرهم، كانت حرية التجارة هاي أفضل الس بل الﱵ يسلكها اقتصاد دولة معينة لكي تتقادم. وحياث كانت هذه األفكار "متحررة" من أي قيود، فقد جاء اسم املدرساة من ذلك، حيث أُطلق عليها الليربالية مبعﲎ "املتحررة". وقد أدى هذا املذهب الذي يُعظّم االﲡاه الفردي إﱃ تشجيع املشروعات علاى أن تظل حرة واملنافسة على أ ن تظل حرة، وهو ما أدى لترسي مفهاوم حرية الرأمساليني يف ﲢقيق أرباح هائلة كيفما يريدون. ويرى الليرباليون اﳉدد أن تلك الفترة األخرية (أي من أوائال الثمانيني ات من القرن املاضي وحﱴ بدايات حدوث األزماة املالياة ال ملية منذ واالقتصادية العا عام 3007 ) هي "العصر الذهباي" golden age للرأمسالية، حيث هبطت مثار الرخاء على معظام دول العاامل تقريبا بسبب عدة عوامل مهمة، تتمثل يف: غياب ملكياة الدولاة، وتنظيم عمليات الصناعة والتمويل، ومرونة أسواق العمل الدولياة، وحرية السياسات االقتصادية الكلية املضادة للتضخم، والﱵ حافظت املؤسسات على تطبيقها من خالل االلتزام بقاعدة الذهب، وحرياة التدفقات الدولية للتجارة ورأس املال 1 . ألفكار الليربالية يف العامل الغر باي سادت ا طوال القرن التاساع عشر وحﱴ أوائل القرن العشرين. مث حادث الكسااد الكابري يف ثالثينيات القرن املاضي، والذي قاد االقتصادي الربيطاين ا لشهري جون مينارد كيناز لوضع نظريته الﱵ قللت من أمهية الليربالياة كأفضال ا مساليني سياسة ﳚب على الرأ تباعها. وقال كي نااز : إن التوظيا 1 وليس هنا ﳎال الرد على كل هذه اﳊجج، ولكن ا اول فقط استعراض يف تطور الفكر الليرباﱄ الذي ظل سائدا الفترة املذكورة حﱴ وصل إﱃ ذروته خالل الفترة الراهنة.

45

الكامل يعد شيئا أساسيا لنمو الرأمسالية، ولكن ال ميكان ﲢقيقهاا إال من خالل تدخل اﳊكومات والبنوك املركزياة لزياادة فارص العمالة. وق د كان هلذه األفكار تأثري كبري على الارئيس األمريكاي فرانكلني روزفلت، حيث صمم على مقتضاها برنامج العهد اﳉدياد New Deal ، الذي أدى تطبيقه إلعادة انتخابه أربع مارات متتالياة ليظل يف رئاسة البالد حﱴ هناية حياته، وليصبح الرئيس األمريكاي الوحيد الذي ﳛكم الواليات امل تحدة ملدة اثﲏ عشر عاماا بسابب ا الح استثناء الشعب األمريكي له، وذلك ملا قام به من إص القتصااد األمريكي وإنقاذه من الركود. ومن هنا بدأت األفكار الﱵ تناادي بوجوب أن تلعب الدولة دورا ما يف االقتصاد لضمان ﲢقيق النفاع ، و ملواطنني العام ﳉميع ا بدأت تلقى قبوال عاما بني الناس. واستمر األمر على هذا املنوال، إﱃ أن بدأت األزمات الرأمسالية ي يف الظهور يف الثمانين ات من القرن املاضي، وهو ما أدى لتقلايص معدالت األرباح الﱵ ﲢققها الشركات اململوكة من كبار الرأمساليني. وهذا ما دفعهم إﱃ التفكري يف إعادة إحياء فكرة الليربالية االق تصادية ﳎددا. وهذا هو ما دفع مصطلح الليربالية اﳉديدة للظهور واالنتشار. ومع تسارع وترية العوملة خالل العقدين املاضايني، اكتساح تياار الليربالية اﳉديدة مجيع دول العامل، ومل يستطع أي تيار لخر الوقوف أمامه أو التصدي له. ولقد ظلت الليربالية اﳉديدة هي العقيدة االقتصادية املسايطرة على الفكر االقتصادي خالل الربع األخري من القرن املاضي وحاﱴ يومنا هذا، أو إن شئنا الدقة حﱴ ما قبل األزمة االقتصادية العاملية الﱵ بدأت منذ العام 3007 وتفاقمت لثارها يف أواخر 3009 . ويف ﳏاولة للعودة بالعامل إﱃ هذا "العصر الذهباي"، دفع اللي و رباليا ن اﳉادد

46

دو - هلم ومن مث دول العا - مل بشدة او تطبيق خطط "إصاالحية" تتكون من برامج واسعة تستهدف: ● خصخصة وحدات القطاع العام. ● إزالة القيود اﳊكومية. ● الفتح الكامل ألسواق السلع ورأس ا . ملال ● ا تباع سياسات اقتصاد ية كلية متشددة. ويف الوقت الذي واصلت فيه الليربالية اﳉديادة انتشاارها يف مل، معظم دول العا شهد تنفيذها ازدهارا على وجاه اﳋصاوص يف الدول النامية. ولعل ما جعل هذا األمر ممكنا، هو أزمة الديون العاملية الﱵ واجهتها معظم الدول النامية ال يف عام 4893 . فبعد مرور عقاد كامل من ازدياد ثقة الدول النامية بنفسها، والذي ﲡلى يف الادعوة لنظام اقتصادي دوﱄ جديد، اغتنم الليرباليون اﳉدد الذين اعتلوا سدة اﳊكم يف كربى الدول املتقدمة واملؤسسات املالياة الدولياة أزماة الديون كفرصة إلعادة الدول النامية إﱃ املسار "الصحيح" من وجهة نظرهم. ونتيجة لذلك، وصلت الشروط اجملحفة اهلادفة لتغيري الدول النامية لكي تتبﲎ إحدى صور الليربالية اﳉديدة إﱃ املعونات الثنائياة من حكومات الدول املتقدمة والقروض املشروطة مان مؤسساات التمويل الدولية (وعلى رأسها صندوق النقد والبنك الدوليان). ولعل األمر املدهش يف ذل ك هو التحول اهلائل الذي طرأ علاى مهمة مؤسسات التمويل الدولية. فحينما أنشئت هاذه املؤسساات يف وفقا التفاقية بريتون وودز العام 4811 ، كانت مهمتها األساساية هي املساعدة يف منع حدوث أي صراعات مستقبلية من خالل توفري اإلقراض هبدف اإلنشاء والتنمية، ومن خالل العمل على ﲣفي حدة املشكالت الطارئة الﱵ قد تصيب موازين مدفوعات الدول األعضاء.

47

ومن هنا مل يكن ﳐوال هلذه املؤسسات ممارسة أي سالطات علاى القرارات االقتصادية للحكومات األعضاء، كما أن مهامها ال تشمل ألعضاء. أي ترخيص بالتدخل يف السياسات الوطنية للدول ا وخالل حقبة التسعيني ات من القرن املاضي، كان الضغط مان أجل تطبيق برامج اإلصالح الليربالية اﳉديدة على الادول النامياة أشد وطأة وأوسع نطاقا، على او ما أوضاحه هااجون تشاانغ Ha-Joon Chang يف كتابه " إنبدة الةافتري اشةزن اقاصةبديبت الانمية " 1 : " فيبدئ ذ ادء ، فشلت اإلصالحات الﱵ مت تنفيذها يف اﳊقبة السابقة عليها (الثمانيني ات من القرن املاضي)، فشلت متاما يف إحداث أي تغيري يف اقتصادات الدول املعنية، مما أدى لزيادة اعتمادها املااﱄ على الدول املتقدمة وعلى مؤسسات التمويل الدولية. ربنيب : فتح اهنيار الشيوعية الباب واسعا أمام مساحة عريضة من العا مل أصبحت على استعداد لتنفيذ أكثر الصيغ تطرفا مان بارامج اإلصالح الﱵ تتبع الليربالية اﳉديدة. ربلثب : أدى بدء منظمة التجارة العاملية يف العمل اعتبارا من العام 4881 إﱃ مزيد من تقييد قدرات الدول النامية لالاراف عن األجندة الليربالية اﳉديدة. ريخريا : خالل السنوا ت األخرية من عقد التسعيني ات من القرن املاضي، مسح االزدهار االقتصادي الذي شهدته الوالياات املتحادة معقل الليربالية اﳉديدة والذي تزامن مع الركود النس بااي الاذي شهدته كل من اليابان وأملانيا، ومها الدولتان اللتان كان يُنظر إليهما

Chang, Ha-Joon (Ed.). (2003). Rethinking Development Economics . UK & USA: Anthem Press.

1

48

Page 1 Page 2 Page 3 Page 4 Page 5 Page 6 Page 7 Page 8 Page 9 Page 10 Page 11 Page 12 Page 13 Page 14 Page 15 Page 16 Page 17 Page 18 Page 19 Page 20 Page 21 Page 22 Page 23 Page 24 Page 25 Page 26 Page 27 Page 28 Page 29 Page 30 Page 31 Page 32 Page 33 Page 34 Page 35 Page 36 Page 37 Page 38 Page 39 Page 40 Page 41 Page 42 Page 43 Page 44 Page 45 Page 46 Page 47 Page 48 Page 49 Page 50 Page 51 Page 52 Page 53 Page 54 Page 55 Page 56 Page 57 Page 58 Page 59 Page 60 Page 61 Page 62 Page 63 Page 64 Page 65 Page 66 Page 67 Page 68 Page 69 Page 70 Page 71 Page 72 Page 73 Page 74 Page 75 Page 76 Page 77 Page 78 Page 79 Page 80 Page 81 Page 82 Page 83 Page 84 Page 85 Page 86 Page 87 Page 88 Page 89 Page 90 Page 91 Page 92 Page 93 Page 94 Page 95 Page 96 Page 97 Page 98 Page 99 Page 100 Page 101 Page 102 Page 103 Page 104 Page 105 Page 106 Page 107 Page 108 Page 109 Page 110 Page 111 Page 112 Page 113 Page 114 Page 115 Page 116 Page 117 Page 118 Page 119 Page 120 Page 121 Page 122 Page 123 Page 124 Page 125 Page 126 Page 127 Page 128 Page 129 Page 130 Page 131

Made with FlippingBook Online newsletter