العدد الثاني من مجلة لباب

صدر عن مركز الجزيرة للدراسات العدد الثاني من مجلة "لباب" التي تعنى بالدراسات الاستراتيجية والإعلامية. يضم العدد الجديد طائفة من الموضوعات ذات العلاقة بالمباشرة بالواقع السياسي والاجتماعي في المنطقة العربية، وكذلك في المشروع الفكري العربي وجهود ترسيخ الفكر العلمي في العالم العربي

ﻟﻠﺪراﺳﺎت اﻻﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﯿﺔ واﻹﻋﻼﻣﯿﺔ For Strategic andMedia Studies

2019 - ﻣﺎﯾﻮ/أﯾﺎر 2 اﻟﻌﺪد issue 2 - May

"دورﯾـﺔ ﻣﺤﮑﻤـﺔ ﺗﺼـﺪر ﻋﻦ ﻣﺮﮐـﺰ اﻟﺠﺰﯾﺮة ﻟﻠـﺪراﺳـﺎت" A Quarterly Peer- Reviewed Journal Published by Aljazeera Center for Studies L U B A B

ﻓﻲهﺬا اﻟﻌﺪد In this issue

05 06

03 04 ﺣﻖ اﻟﻌﻮدة وﺗﺼﻔﯿﺔ اﻟﻘﻀﯿﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﺔ اﻟﺨﻄﺎب اﻻﺣﺘﺠﺎﺟﻲ ﻟﻸﻟﺘﺮاسﻓﻲ اﳌﻐﺮب

01 ﻣﺘﻼزﻣﺔ ﻣﺤﺎﺑﺎة اﻷﻗﺎرب وﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ

دراﺳﺎت اﳌﺴﺘﻘﺒﻼت ﻓﻲ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ

02

اﻟﻨﻬﻀﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﺑﯿﻦ اﳌﺮﺟﻌﯿﺔ اﻟﺴﻠﻔﯿﺔ واﻟﻠﯿﺒﺮاﻟﯿﺔ

اﻷﯾﺪﯾﻮﻟﻮﺟﯿﺎ اﻟﻨﺎﻋﻤﺔ وﻣﺴﺘﻘﺒﻞ "اﻹﺳﻼم اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ"

L U B A B ﻟﻠﺪراﺳﺎت اﻻﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﯿﺔ واﻹﻋﻼﻣﯿﺔ دورﯾﺔ ﻣﺤﮑﻤﺔ ﺗﺼﺪر ﻋﻦ ﻣﺮﮐﺰ اﻟﺠﺰﯾﺮة ﻟﻠﺪراﺳﺎت 2019 - ﻣﺎﯾﻮ/أﯾﺎر 2 اﻟﻌﺪد

رﺋﯿﺲ اﻟﺘﺤﺮﯾﺮ د. ﻣﺤﻤﺪ اﳌﺨﺘﺎر وﻟﺪ اﻟﺨﻠﯿﻞ

ﻣﺪﯾﺮ اﻟﺘﺤﺮﯾﺮ أ.د. ﻟﻘﺎء ﻣﮑﻲ

ﺳﮑﺮﺗﯿﺮ اﻟﺘﺤﺮﯾﺮ د. ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺮاﺟﻲ

هﯿﺌﺔ اﻟﺘﺤﺮﯾﺮ د. ﻋﺰ اﻟﺪﯾﻦ ﻋﺒﺪ اﳌﻮﻟﯽ اﻟﻌﻨﻮد أﺣﻤﺪ آل ﺛﺎﻧﻲ د. ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﺼﻤﺎدي د. ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺸﺮﻗﺎوي د. ﺳﯿﺪي أﺣﻤﺪ وﻟﺪ اﻷﻣﯿﺮ د. ﺷﻔﯿﻖ ﺷﻘﯿﺮ اﻟﺤﻮاس ﺗﻘﯿﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺎﻃﻲ

اﳌﺮاﺟﻊ اﻟﻠﻐﻮي إﺳﻼم ﻋﺒﺪ اﻟﺘﻮاب

اب لا تعبر بالضرورة عن اتجاهات تتبناها المجلة ّ آ ارء الباحثين والكت أو مركز الجزيرة للد ارسات

ترتيب الد ارسات يخضع لاعتبا ارت فنية فقط

جميع الحقوق محفوظة

الدوحة - قطر هاتف: 40158384 ( 479 )+ فاكس: 44831346 ( 479 - )+ البريد الإلكتروني: E-mail: lubab@aljazeera.net

ISSN 8753-2617

تصميم الغلاف: قطاع الإبداع الفني بشبكة الجزيرة الإعلامية التجهيز وفرز الألوان: أبجد غ ارفيكس ، بيروت - هاتف (+9611) 785107 الطباعة: مطابع الدار العربية للعلوم ، بيروت - هاتف (+9611) 786233 +974 4444 8452 : مطابع قطر الوطنية - الدوحة - قـطـ هاتف

المحتويات أخــ ق العائليــة ومســتقبل الديمقراطيــة فــي العالــم العربــي: جينيالوجيــا متلازمــة محابــاة الأقــارب وانعكاســاتها السياســية 9 ............ بن أحمد حوكا، عثمان الزياني الأيديولوجيا الناعمة لـ»الإسلام السياسي» ومستقبله بعد الربيع العربي 41 ................................ شفيق شقير : المحددات والمسارات 2013 دور المؤسسة العسكرية في مصر بعد 87 ........................ عصام عبد الشافي حق العودة ومشاريع تصفية القضية الفلسطينية 117 ............................ محمود العلي لات الخطاب الاحتجاجي للألتراس في المغرب وتأثيراته السياسية ُّ تمث 143 .............................. سعيد بنيس النهضة العربية وأسئلة التأسيس بين المرجعية السلفية والليبرالية: قراءة في النموذجين المشرقي والمغربي 173 .......................... إدريس جنداري نحو تبني ثقافة الانحياز إلى المستقبل ودراسات المستقبلات في الوطن العربي 197 ......................................... مازن إسماعيل الرمضاني، محمـد وائل القيسي قراءة في كتاب كيف تموت الديمقراطيات 225 ......................... عبد السلام رزاق فعاليات العراق في ظل المتغيرات الداخلية والخارجية التحولات السياسية في المغرب العربي: الحصيلة والآفاق 241 ....................... محمد عبد العاطي

3

افتتاحية العدد

(لباب) والخلاصات المعرفية الأصيلة

يصـدر العـدد الثانـي مـن مجلـة (لبـاب) فـي وسـط سـياق متخـم بالتحـولات الاسـتراتيجية والاتصاليــة التــي تســتحق الدراســة العلميــة المعمقــة والموضوعيــة كــي تقــدم للنخبــة العربيــة خلاصـات معرفي ـة أصيل ـة خ ـارج الاس ـتقطاب الإعلام ـي والأيديولوج ـي. ومنـذ العـدد التجريبـي (العـدد صفـر) الـذي صـدر فـي نوفمبر/تشـرين الثانـي مـن العـام الماضـي )، حرصـت (لبـاب) علـى أن تتنـاول قضايـا معرفيـة ضاغطـة وفاعلة في السـياق الاسـتراتيجي 2018 ( ـر فـي المنطقـة، إلـى جانـب قضايـا أخـرى تغـوص فـي قعـر الأوسـاط الاجتماعيـة والسياسـية ِّ المؤث ط عليهـا َّ سـل ُ والاتصاليـة العربيـة، وتعمـل بقـوة علـى التأثيـر فـي مسـارات الأحـداث مـن غيـر أن ت الأضـواء أو أن تحظـى بمـا تسـتحق مـن الدراسـة الأكاديميـة المعمقـة. وفــي كلا هذيــن النوعــ مــن القضايــا، حرصــت (لبــاب) علــى أن يكــون الجهــد المقــدم ـا بمب ـادئ المنهـج العلمـي ال ـذي لا يت ـرك ثغـرات للتأثي ـر الشـخصي أو المرجعي ـات ً وملتزم ً أصي ـ الأيديولوجيــة والسياســية، وأن تكــون نتائــج البحــوث المنشــورة ذات مصداقيــة أكاديميــة عاليــة وقابلــة للتعميــم، وهــو نهــج بــات يتعــزز وينضــج مــع كل عــدد جديــد. ويغطـي العـدد الثانـي مـن (لبـاب)، طائفـة منتخبـة مـن الموضوعـات ذات الأبعـاد الاسـتراتيجية المؤث ـرة ف ـي الواق ـع السياسـي والاجتماعـي الحال ـي والمسـتقبلي، وكذل ـك ف ـي المشـروع الفكـري العرب ـي وجهـود ترسـيخ الفكـر العلمـي فـي العال ـم العرب ـي. ومـن بـ موضوعـات العـدد، دراسـة حـول "أخـ ق العائليـة ومسـتقبل الديمقراطيـة فـي العالـم ا بعمـق وقـوة فـي ً ـا مؤثـر ً العربـي"، وهـي بحـث أكاديمـي أصيـل رفيـع المسـتوى، يتنـاول موضوع

5

| 6

المشــهد السياســي والإداري العربــي، يتمثــل بمــا أسمــاه البحــث "جينيالوجيــا متلازمــة محابــاة الأقـارب وانعكاسـاتها السياسـية"، وهـي متلازمـة مرافقـة للأنمـاط الاجتماعيـة والسياسـية السـائدة فـي المجتمعـات العربيـة، وتقـوم علـى أسـاس المفاضلـة بـ الأفـراد فـي الحيـاة العامـة والخاصـة بنـاء علـى متغيـر درجـة القرابـة. وفيمـا ركـز هـذا البحـث علـى مـا أسمـاه "العائليـة غيـر الأخلاقيـة" فإنـه يخلـص إلـى أن "العائليـة ضع ـف ُ ـر -بشـكل لاف ـت للنظـر- عل ـى المتغي ـرات المرتبطـة بجوهـر الديمقراطي ـة الفعلي ـة"، وت ِّ تؤث -إلـى حـد كبيـر- "المشـاعر المدنيـة المبنيـة علـى المسـاواة والنزاهـة والعموميـة"، وتـؤدي بالتالـي إلـى صعوبـة اسـتبطان أخـ ق الحداثـة السياسـية. ويتضمـن العـدد كذلـك دراسـة حـول "الأيديولوجيـا الناعمـة للإسـ م السياسـي ومسـتقبله بعـد الربي ـع العرب ـي"، وه ـي دراسـة تكتس ـب أهميته ـا م ـن بعدي ـن: الأول: ه ـو أهمي ـة الموضـوع ف ـي السـياق السياسـي والاسـتقطاب الفكـري الراهنـ فـي المنطقـة، والثاني: هـو جدية التنـاول والمنهج الأكاديمـي الـذي اسـتندت إليـه الدراسـة فـي تنـاول الظاهـرة والوصـول إلـى نتائـج بشـأنها. أمـا الدراسـة الثالثـة، فتتعلـق بالمؤسسـة العسـكرية المصريـة ودورهـا المؤثـر غيـر المسـبوق في المشـهد السياسـي المصـري، بع ـد الع ـام وطبيع ـة هيمنته ـا المفترضـة عل ـى الدول ـة ومؤسسـاتها السـيادية. وله ـذا الموضـوع أهمي ـة كبي ـرة ف ـي الاختب ـار العلم ـي للفرضي ـات المتعلق ـة بتعاظـم ه ـذا ال ـدور، لاسـيما بعـد التعديـ ت الدسـتورية الأخيـرة، وتأثيراتـه علـى العلاقـة مـع المؤسسـات المدنيـة فـي الدولـة، ومنهـا مؤسسـات الحكـم والإدارة. ويتضمـن هـذا العـدد دراسـة حـول موضـوع "حـق العـودة ومشـاريع تصفيـة القضيـة الفلسـطينية"، وهـو دراسـة تزامنـت مـع الذكـرى الحاديـة والسـبعين لنكبـة فلسـطين، وتبحـث فـي أصـول قضيـة اللاجئــ الفلســطينيين، وجوهريــة مكانتهــا فــي قلــب الصــراع العربي-الإســرائيلي، ومحاولــة ـا. ّ ً ـا فـي مشـاريع التسـوية السياسـية المطروحـة أميركي ً تصفيتهـا تمام ومـن المغـرب، يتضمـن العـدد دراسـة مهمـة تجمـع بـ علـم الاجتمـاع السياسـي وعلـم الاتصـال، حــول ظاهــرة اســتخدام الجمهــور فــي ملاعــب كــرة القــدم. هــذه التجمعــات الضخمــة ذات الهـدف الرياضـي للتعبي ـر عـن احتجاجـات سياسـية واجتماعي ـة. وقـد تعـززت أهمي ـة تجمعـات

(لباب) والخلاصات المعرفية الأصيلة

7 |

مشـجعي أنديـة كـرة القـدم أو مـا يسـمى بـ(الألتـراس) فـي توفيـر سـياق مكانـي لطـرح الخطـاب الاحتجاجـي ذي الأبعـاد السياسـية. وحـول الجـذور الفكريـة للنهضـة العربيـة الحديثـة، يـدور البحـث الموسـوم بـ"النهضـة العربية وأسـئلة التأسـيس بـ المرجعيـة السـلفية والليبراليـة"، وهـو يتنـاول الجوهـر المعرفـي للمشـروع الإصلاحـي النهضـوي، علـى أسـاس قناعـة الباحـث بـأن المـن الفكـري الـذي أسـس لذلـك المشـروع "هـو ـا اسـتنفد مهمتـه الحضارية". ً مـن فكـري حـي يتفاعـل مـع إشـكالياتنا الراهنـة، أكثـر مـن كونـه تراث لات، يـدور البحـث الموسـوم بـ"نحـو َ ل أو مـا تسـمى دراسـات المسـتقب َ وحـول علـم دراسـة المسـتقب لات فـي الوطـن العربي"، وهـو دارسـة أكاديمية، َ تبنـي ثقافـة الانحيـاز إلـى المسـتقبل ودراسـة المسـتقب تقـوم مشـكلتها علـى ضآلـة الاهتمـام العربـي بدراسـة المسـتقبل، "وخلـو معظـم الدراسـات البحثيـة مـن الجانـب الاستشـرافي". ولذلـك، فهـي تقـدم رؤيـة منهجيـة للآليـات المطلوبـة لتطوير دراسـات ا. ً ا وسـلوك ً المسـتقبلات فـي الـدول العربيـة، وتعزيـز ذلـك بتعزيـز خيـارات الانحيـاز للمسـتقبل فكـر ـا، وه ـو ً ـا المراجع ـة النقدي ـة لأحـد الكت ـب المهم ـة الصـادرة حديث ً وتحضـر ف ـي ه ـذا الع ـدد أيض م ـا ب ـات زاوي ـة ثابت ـة ف ـي المجل ـة من ـذ عدده ـا التجريب ـي. وف ـي الع ـدد الثان ـي، جـرت الق ـراءة النقديـة للكتـاب الموسـوم بـ"كيـف تمـوت الديمقراطيـات" الصـادر عـن دار كـراون، فـي نيويـورك عـام، وهـو كتـاب أكاديمـي كتبـه اثنـان مـن علمـاء السياسـة، وفيـه تشـخيص لسـقوط التجـارب الديمقراطي ـة ف ـي العال ـم، واقت ـراب ه ـذا المصي ـر م ـن الولاي ـات المتح ـدة من ـذ دخ ـول الرئي ـس، مـا جـاء فـي الكت ـاب. ِّ دونال ـد ترامـب، المشـهد السياسـي الأميركـي عل ـى حـد وفـي العـدد الجديـد، زاويـة مسـتحدثة بعنـوان (فعاليـات) تتمثـل فـي تقـديم مراجعـة لبعـض مـن الفعالي ـات والأنشـطة المخت ـارة الت ـي يقـوم بهـا مركـز الجزي ـرة للدراسـات. وقـد جـرى فـي هـذا ا، كانـت الأولـى حـول (العـراق فـي ظـل المتغيـرات ً العـدد اختيـار ندوتـ نظمهمـا المركـز مؤخـر الداخليــة والخارجيــة)، والثانيــة حــول (التحــولات السياســية فــي المغــرب العربــي: الحصيلــة والآف ـاق). رئيس التحرير

أخلاق العائلية ومستقبل الديمقراطية في العالم العربي جينيالوجيا متلازمة محاباة الأقارب وانعكاساتها السياسية

بن أحمد حوكا * عثمان الزياني **

مقدمة تنبنـي المجتمعـات العربيـة مـن الناحيـة الوجدانيـة علـى مركزيـة القرابـة كمتلازمـة ثقافيـة ـا مـن ملامحهـا ً ـت بعض َّ وأخلاقيـة. فبالرغـم مـن التحـولات الديمغرافيـة والاجتماعيـة التـي مس العام ـة، لا ت ـزال ه ـذه البني ـة تم ـارس تأثي ـرات جوهري ـة عل ـى الش ـخصية القاعدي ـة للإنس ـان العرب ـي ف ـي شـتى مجـالات الحي ـاة. ويعن ـي ذل ـك أن الحداث ـة البيولوجي ـة المرتبطـة بانق ـ ب الوظائــف السياســية والاجتماعيــة للــدم لــم تنفــذ إلــى العمــق الــذي يســمح لهــا بزحزحــة إحداثيـات بنـى القرابـة، وأن المبـدأ البيولوجـي الـذي كشـفت عنـه الأنثروبولوجيـا الانقسـامية ـى هندسـة المعتقـدات والمواقـف والسـلوكيات َّ فـي شـمال إفريقيـا والشـرق الأوسـط مـا زال يتول المحـددة للروابـط الاجتماعيـة. وبصـرف النظـر عـن الأعـراض الجانبيـة للتحديـث الاجتماعـي علـى مسـتوى التقلـص العائلي، ي الاقتصـاد الأخلاق ـي للعلاق ـات الاجتماعي ـة. ويب ـدو أن التغيي ـر ِّ غ ـذ ُ لا ي ـزال عق ـد القراب ـة ي * د. بن أحمد حوكا، باحث في علم الاجتماع السياسي بجامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس، المغرب. ** د. عثمان الزياني، أستاذ باحث في القانون العام والعلوم السياسية بجامعة محمد الأول، وجدة، المغرب.

9

| 10

ـا- إلـى فردانيـة قرابيـة ً الـذي طـال الاتجاهـات الثقافيـة الجماعيـة، قـد أفضـى -كمـا كان متوقع عموديـة أضحـت الي ـوم النمـوذج المهيمـن للسـيكولوجيا الثقافي ـة. والحـال أن هـذا النمـوذج لا يخل ـو ب ـدوره م ـن التوت ـر الن ـاتج ع ـن الصـراع ب ـ التطل ـع إل ـى الحداث ـة الفردي ـة وسـطوة الأخــ ق التــي يفرضهــا عقــد القرابــة، وهــو مــا ينتــج عنــه ضــرب مــن الهجانــة الثقافيــة ـا علـى الإحاطـة النظريـة والأمبريقي ـة. ً يسـتعصي أحيان ـر عـادة إل ـى الارتباطـات العائلي ـة كعمـاد أساسـي للعي ـش المشـترك والعمـران البشـري. َ ظ ْ ن ُ ي وتقـوم وجهـة النظـر هـذه علـى مصـادرة مفادهـا أن هـذه الارتباطـات تزيـد مـن قـوة الرابـط الاجتماعـي وتسـاهم فـي تكثيـف التبـادلات بـ المجموعـات الاجتماعيـة. ويعتبـر الإنسـان العـادي فـي هـذا المضمـار أن اسـتقلالية الأفـراد عـن المحيـط الأسـري علامـة علـى الفوضـى الاجتماعي ـة والانحطـاط الأخلاق ـي للأف ـراد. غي ـر أن صلاحي ـة تل ـك المصـادرة تظـل موضـع تسـاؤل حينمـا نأخـذ فـي الحسـبان مبـادئ التنشـئة الأسـرية فـي سـياقات ثقافيـة مختلفـة. فقوة روابـط القربـى لا تسـتلزم بالضـرورة توخـي الإيثـار والغيريـة، خاصـة فـي المجتمعـات العاجـزة عــن إجــراء فصــل جوهــري بــ الفضــاء المؤسســاتي الــذي تحكمــه العقلانيــة القانونيــة، والفضـاءات العائليـة التـي تخضـع للغرائـز الفطريـة. ا ً غيـر أن الارتبـاط العائلـي لا يطـرح تحديـات كبيـرة أمـام السياسـات العامـة إلا إذا كان مصحوب بالتبريـرات الأخلاقيـة المسـاهمة فـي تكريـس التمايـز وتجذيـر الرأسمـال الاجتماعـي، وبصيغـة ـا، حـ تتسـرب تأثيراتـه عـن قصد مـن فضـاءات التقـارب الطبيعي إلـى مجالات ً أكثـر وضوح الاقتصـاد والسـلطة والاجتمـاع. ولا شـك أن التحي ـز والمحاب ـاة لفائ ـدة مجموعـات الانتمـاء، كمظاهـر مألوفـة للعائليـة، تغـزو بشـكل مكشـوف دواليـب الأجهـزة البيروقراطيـة والسياسـية مـن المحيـط إلـى الخليـج. ويؤشـر ذلـك فـي الواقـع علـى عـدم قـدرة الدولـة العربية بتشـكيلاتها الإثني ـة والطائفي ـة وثقافتهـا السياسـية المتعـددة، علـى التخل ـص مـن دور الجينيالوجي ـا الجيني ـة فـي تشـكيل الهيـاكل البيروقراطيـة منـذ النصـف الثانـي مـن القـرن العشـرين. ولا غـرو أن وراء ي اسـتراتيجيات إرادات الهيمنـة التـي تراقـب الأشـخاص والمـوارد ِّ ذلـك عوامـل بنيويـة تغـذ

11 | أخلاق العائلية ومستقبل الديمقراطية في العالم العربي

* الضروريـة للبقـاء فـي )Conatus( علـى السـواء، سـاعية وراء التحكـم فـي كميـة الكوناتـوس . )1( مواقـع الصـدارة صطلـح عليـه فـي أدبيـات الأنثروبولوجيا ُ تبحـث هـذه الدراسـة فـي صنـو خـاص مـن العائليـة ي السياسـية بالعائليـة غيـر الأخلاقيـة؛ وهـي عبـارة عـن عقـدة ثقافيـة تقـوم علـى إجـراء مفاضلـة بـ الأفـراد فـي الحيـاة العامـة والخاصـة بنـاء علـى متغيـر درجـة القرابـة، وتقتضـي بالمقابـل أخـذ الحيطـة والحـذر مـن الأغيـار، بصـرف النظـر عـن أسـاليب اللباقـة السـطحية التـي تفرضها ا اسـتعمال أقنعـة مزيفـة مـن أجـل ً ا رويـد ً طقـوس التفاعـل فـي مجتمعـات يـزداد فيهـا رويـد تدبيـر التبـادلات الاجتماعيـة بأقـل تكلفـة. ينبنـي البحـث علـى مصـادرة ضمنيـة مفادهـا أن بنيويـة عقـد القرابـة فـي الاجتمـاع العربـي، يمنـع الفضـاءات العامـة وعلاقـات السـلطة مـن الاشـتغال علـى شـاكلة الالتزامـات التعاقديـة. ا إليهـا كبنيـة ماكروسياسـية، تلقـي بظلالهـا علـى الاتجاهات ً ولا شـك أن هـذه المعادلـة، منظـور الفرديـة للمواطـن العربـي تجـاه قضايـا السياسـة والحكامـة المؤسسـاتية. غيـر أنـه يجـب التنبيـه بالفعالية ً إلـى أن مـا يعتـري المشـهد المؤسسـاتي فـي بلـدان العالـم العربـي لا يمكن ربطـه اختـزا ل سـوى عامـل مـن بـ عوامـل أخـرى جوهريـة. ِّ السـببية لبنـى القرابـة التـي لا تشـك ـس للعائلي ـة غي ـر الأخلاقي ـة ليس ـت ِّ وتج ـدر الإش ـارة إل ـى أن أولوي ـة المب ـدأ البيولوج ـي المؤس ـا للبنيـة السياسـية للدولـة، ولكنهـا مبـدأ متجـذر فـي البنـى الثقافيـة القاعديـة لمجتمعـات ً نتاج الشـرق الأوسـط وشـمال إفريقيـا. ولا شـك أن العوامـل الإيكولوجيـة كالمنـاخ وكميـة المـوارد المتوافـرة، إضافـة إلـى التقسـيمات الاجتماعيـة والإثنيـة واللغويـة والعوامـل الديمغرافيـة المتعلقـة بأنظمـة ال ـزواج، توفـر الشـروط المثالي ـة لفعالي ـة العائلي ـة غي ـر الأخلاقي ـة. ونثي ـر الانتب ـاه إل ـى أن ـه بالرغ ـم م ـن التباي ـن الدلال ـي ب ـ مفهوم ـي أخـ ق العائلي ـة والعائلي ـة غي ـر الأخلاقي ـة، ـا وذلـك بالنظـر إلـى كـون أخـ ق العائليـة فـي ً فإننـا نسـتعمل المفهومـ بنفـس المعنـى تقريب ـا علـى جانـب مهـم مـن انتهـاك أخـ ق التشـارك وأخـ ق ّ ً الاجتمـاع العربـي تنطـوي ضمني . )John Rawls) (2( ا إليهـا مـن زاويـة فلسـفة جـون راولـز ً المبـادئ منظـور

| 12

ـم فـي تبايـن العائليـة غيـر الأخلاقيـة فـي َّ تحـاول هـذه الدراسـة مقاربـة العوامـل التـي تتحك المجتمعـات قيـد الدراسـة وتأثيراتهـا فـي مجـال الثقافـة السياسـية. وتتنـاول دراسـة العلاقـات الإحصائي ـة ب ـ المتغي ـرات عل ـى المس ـتوى المجتمع ـي، معتم ـدة قاع ـدة متنوع ـة للبيان ـات تم )Process( وبرنامـج )SPSS( تحليلهـا باسـتعمال حزمـة الأدوات الإحصائي ـة للعل ـوم الاجتماعي ـة لتحلي ـل التوسـطات التفاعلي ـة ب ـ المتغي ـرات المخت ـارة. . الإطار النظري والمنهجي للدراسة 1 يرتب ـط مفهـوم العائلي ـة غي ـر الأخلاقي ـة بشـكل وثي ـق بالبحـث الميدان ـي ال ـذي قـام ب ـه عال ـم ، فــي إحــدى القــرى الفقيــرة بجنــوب )Edward Banfield( السياســة الأميركــي، إدوارد بانفيلــد نجـزت بمعيـة زوجتـه الإيطاليـة الأصـل، بنشـر كتاب ُ جـت هـذه الدراسـة التـي أ ِّ و ُ إيطاليـا. وقـد ت . وقـد اعتمـد )3( موسـوم بـ»العائليـة غيـر الأخلاقيـة: فـي الأسـس الأخلاقيـة لمجتمـع متخلـف» يجمـع بـ الإحصائيـات الإداريـة والملاحظـة الإثنوغرافيـة والدراسـة ً ـا متكامـ ً الباحـث منهج البيوغرافيـة، إضافـة إلـى تمريـر اختبـارات نفسـية وإجـراء مقابـ ت مفتوحـة مـع الأهالـي. ويتمحـور عمـل بانفيلـد حـول فرضيـة مفادهـا أن البـؤس الاجتماعـي الخـاص بالقريـة الإيطالية يرتب ـط بشـكل جوهـري بسـيادة روح ثقافي ـة تتمي ـز بالعجـز السياسـي للأهال ـي عـن التع ـاون والعمـل المشـترك مـن أجـل بن ـاء الفع ـل الجمع ـي، مـا عـدا إذا كان الأمـر يتعل ـق بالمصلحـة المباشـرة للأسـرة. وتسـتقي هـذه الـروح طابعهـا غيـر الأخلاقـي مـن كـون معاييـر الخيـر والشـر، والمبـاح والمحظـور واللائـق والمكـروه لا تتجـاوز فـي اشـتغالها المبدئـي الدوائـر الاجتماعيـة التـي تحكمهــا أخــ ق القرابــة. ويســتتبع ذلــك أن الســعي وراء المصــالح الماديــة المباشــرة لأفــراد المجتمـع يفسـر الاهتمـام الانتقائـي قصيـر المـدى ببعـض مظاهـر الحيـاة العامـة؛ حيـث يغـدو مـن أشـكال المقايضـة التـي تقـدر بالثمـن، ً السـلوك الانتخابـي، علـى سـبيل المثـال، شـك عــوض التعبيــر عــن القناعــات السياســية للأفــراد. لا مندوحــة أن هــذه الخصائــص المميــزة للمنــاخ النفســي-الاجتماعي ســتجعل مــن الارتبــاط العائلــي المــ ذ الوحيــد ضــد تقلبــات الحيـاة وقسـوة الروابـط الاجتماعيـة، وتحصـر المبـادئ الفضلـى فـي الدوائـر العائليـة الضيقـة.

13 | أخلاق العائلية ومستقبل الديمقراطية في العالم العربي

لقـد أسـهم هـذا العمـل ذائـع الصيـت فـي إلهـام الباحثـ فـي مختلـف أنحـاء العالـم لدراسـة الشـروط الثقافي ـة للرأسمـال الاجتماعـي والأخـ ق المدني ـة. والواق ـع أن الدراسـات المتع ـددة الت ـي تناول ـت الأبع ـاد العلائقي ـة لبني ـات القراب ـة ف ـي المجتمع ـات العربي ـة، ق ـد كشـفت عـن حضـور زمـرة مـن الأعـراض الشـبيهة بمتلازمـة العائليـة غيـر الأخلاقيـة، خاصـة فيمـا يتعلـق لت مظاهـر الغيـرة والحـذر َّ بالعلاقـة بـ المجـال العائلـي والفضـاءات البيروقراطيـة. وقـد شـك الاجتماعيـ إضافـة إلـى التنافـس والمحابـاة العائليـة مـن الخطـاب الأنثروبولوجي الـذي تكلف عنـاء فحـص التماسـك الاجتماعـي المبنـي علـى الارتباطـات الغريزيـة. والحقيقـة أن الصـورة الت ـي نحتهـا هـذا الحقـل المعرفـي للروابـط الاجتماعي ـة فـي دار الإسـ م لا تخل ـو مـن الجديـة والصرامـة العلميـة؛ فقـد أسـهمت طلائـع الإثنوغرافيـ والأنثروبولوجيـ ، كل علـى طريقتـه، الناتجـة عـن تبـوؤ أخـ ق العائليـة مكانـة )4( فـي تحديـد الخطـوط العامـة للسـيكولوجيا الثقافيـة . وتتحـدد هـذه السـيكولوجيا فـي )5( الصـدارة واشـتغالها فـي الآن نفسـه كحمايـة وكطغيـان هيمنـة ملمـح الشـخص الترابطـي العاجـز عـن فـك الارتبـاط مـع النمـوذج المعيـاري للعائليـة، ل هــذا الملمــح منزلــة هجينــة غيــر واضحــة المعالــم حــ يتــم فحصهــا مــن زاويــة ِّ ويشــك . )6( الاتجاهـات الجماعي ـة والفرداني ـة يرتكـز البن ـاء الاجتماعـي للنمـوذج المثال ـي للشـخص فـي الثقاف ـة الاجتماعي ـة العربي ـة عل ـى ـات التـي َّ احتـرام الحقـوق العائليـة وخدمـة أهـداف الارتباطـات الغريزيـة. وبالرغـم مـن الرج أسـفرت عنهـا الحداثـة فـي بنيـات القرابـة لا تـزال الرنـة الطوباويـة للواجبـات العائليـة تحظـى بتقديـر اجتماعـي رفيـع؛ إذ يتوقـع معظـم النـاس أن يتصـرف المسـؤول فـي المجـالات السياسـية والإداريـة تصـرف القريـب لا تصـرف البيروقراطـي بالمعنـي الفيبـري للكلمـة، وهـو مـا يسـمح لمتغيـرات القرابـة بالاسـتئثار بقسـط وافـر مـن المـوارد العامـة بشـكل غيـر مشـروع، ممـا يعنـي أن وراء مظهرهـا الوجدانـي الخـادع أبعـاد أداتيـة تتجسـد فـي تبـادل المنافـع والمصـالح والخدمـات سـة عل ـى تمث ـل للواق ـع يتوسـل في ـه َّ ـا م ـن المحسـوبية المؤس ً الاجتماعي ـة، مم ـا يجع ـل منه ـا نمط بشـدة إلـى آليـات القرابـة.

| 14

لا يعنــي هــذا بالطبــع أن علاقــات الــولاء والخضــوع ترتــد فــي مجملهــا إلــى الســجلات الدمويـة. فـإذا كانـت العائلـة ترعـى وتتوسـط وتشـفع عنـد الاقتضـاء، مقابـل الانضبـاط شـبه الانعكاســي لأخــ ق لا يمكــن التصريــح بهــا ولكــن يمكــن الإحســاس بفعاليتهــا الحثيثــة، ـا فحسـب، ولكنـه كائـن ينخـرط بالرغـم ّ ً فـإن الشـخص فـي الثقافـة الاجتماعيـة ليـس عائلي ا بالدوائـر ً تبتـدئ بالأسـرة وتنتهـي بالسـ لة الحاكمـة، مـرور )7( مـن أنفـه فـي دوائـر مترابطـة الوسـيطة كالقبليـة والعرقيـة والمناطقيـة والمذهبيـة. ويجـب التنبيـه إلـى أن القـول بسـيادة العائلية ـا لتأويـل رومانسـي، تصـور مثالـي للعلاقـات ً غيـر الأخلاقيـة، لا يجـب أن يسـتفاد منـه، وفق بـ الأقـارب، يخل ـو مـن الصراعـات المفتوحـة والخفي ـة. يوجـد وراء المحابـاة العائليـة نمـوذج للتنشـئة الاجتماعيـة يهيمـن عليـه نـزوع ثقافـي طمـوح إلـى تأكيـد الصـدارة الاجتماعيـة للأقـارب علـى حسـاب الغيـر. ويسـتمد هـذا النـزوع ديناميتـه مـن خـزان أخلاقـي كشـف البحـث الإثنوغرافـي النقـاب عـن بعـض مظاهـره التاريخيـة. والملاحـظ أن ه ـذا الخ ـزان لا يــزال يشــتغل بــ ظهرانينــا، فــي غفلــة مدهشــة عــن خطابــات العقلنــة ـا مـن المنطـق الغريـزي. إن رب الأسـرة المغربـي، كمـا يقـول ً السياسـية التـي تبـدو أقـل انفلات ، يفعـل كل مـا فـي وسـعه مـن أجـل نقـل أسـرار حرفتـه إلـى )George Hardy( جـورج هـاردي ابن ـه الياف ـع، وإذا ح ـدث أن فش ـل ف ـي مس ـعاه بس ـبب تقاع ـس ه ـذا الأخي ـر، يحم ـل الأب ـا، لتمكـن ّ ً أسـراره معـه إلـى لحـده. ويضيـف هـاردي فـي عبـارة بليغـة: «لـو كان باسـتور مغربي . )8( مـن جنـي أربـاح طائلـة، ولكـن بعـد مماتـه، سـيهلك المجتمـع بـداء الكلـب» لا تقتصـر هـذه الخطاطـة الأخلاقيـة علـى الاجتمـاع المغربـي بتشـكيلاته الاجتماعيـة والإثنيـة ل، وإن بدرجــات متفاوتــة، سمــة ثقافيــة للروابــط الاجتماعيــة فــي ِّ المختلفــة، ولكنــه يشــك ي هــوس المســاواة ِّ . إن العصــاب الجماعــي الــذي يغــذ )9( شــمال إفريقيــا والشــرق الأوســط . )10( ـر عـن انتقـال ثقافـي إلـى قيـم الفردانيـة الأفقيـة ِّ السـطحي فـي المجتمعـات العربيـة لا يعب ـر ف ـي العمـق عـن وسـواس جمع ـي مجب ـول عل ـى ِّ ـا، إن ـه يعب ً عل ـى العكـس م ـن ذل ـك تمام ابتغــاء التفاضــل الاجتماعــي. ويمكــن للملاحــظ أن يجــازف بالقــول بــأن الرغبــة الجامحــة

15 | أخلاق العائلية ومستقبل الديمقراطية في العالم العربي

. ويبـدو أن )11( فـي تجـاوز الأقـران تنهـل بـ شـك مـن التنشـئة العائليـة وأخلاقهـا التنافسـية هجـاس الألقـاب والسـمو، فـي سـياق ثقافـة سياسـية تشـكو مـن قلـة الفـرص وتعانـي، بشـكل ـر عـن الفردانيـة العموديـة التـي تفتـرض اسـتقلالية الأفـراد ِّ مزمـن، مـن انغـ ق المنافـذ، لا يعب . )12( وتطلعهـم إلـى تأكيـد سـلطة الـذات ـا، كمـا هـي الحـال فـي الطـب، الحالـة ً صحيـح أن أعـراض المحابـاة العائليـة لا تعكـس دائم المرضيـة التـي أسـهمت فـي ظهورها. وبالتالـي، فالتوقف عند المسـتوى السـطحي دون التسـاؤل عـن الأسـباب الفعلي ـة الكامن ـة وراءهـا أشـبه بتسـجيل أعمـى للتصريحـات الت ـي يب ـوح بهـا ؛ وهـو مـا يتعـارض مـع تقليـد أبوقـراط فـي )13( تـه َّ ل جوهـر عل ِّ ا أنهـا تشـك ً المريـض، معتقـد ضـرورة اسـتقصاء باطـن الأمـور. ينطبـق القيـاس نفسـه علـى العـوارض المسـتعملة كتعبيـر عـن العائليـة غيـر الأخلاقيـة فـي المجتمعـات العربيـة. فالمظاهـر المتشـابهة لا ترتـد بالضـرورة إلـى نفـس الأسـباب، وهـذا مـا يطـرح معضلـة تأويـل الأعـراض وتكييفهـا فـي العلـوم الاجتماعيـة . )14( والطـب علـى السـواء إن الوعــي بهــذه المعضلــة يفســح المجــال لأخــذ التباينــات الخاصــة بالعوامــل الإيكولوجيــة والاقتصاديــة والثقافيــة فــي الحســبان؛ وهــو مــا يعنــي أن محــددات العائليــة كمــا تــراءت لـ»بانفيلـد» فـي جنـوب إيطاليـا غيـر قابلـة للإسـقاط علـى الجغرافيـة الثقافيـة للعالـم العربـي بمشـاربها المتعـددة. فالبحـث فـي جينيالوجيـا أخلاق المحابـاة ذات المصـدر القرابي وانعكاسـاتها السياسـية والمؤسسـاتية يجـب أن ينـدرج فـي التاريـخ الاجتماعي-الثقافـي والبيولوجي السـحيق للمجتمع ـات العربي ـة. وس ـتتم مقارب ـة ه ـذا التاري ـخ بمتغي ـرات بيولوجي ـة وديمغرافي ـة وثقافي ـة ـز التعام ـل م ـع التاري ـخ المتبخ ـر َّ أبع ـد، ق ـدر المس ـتطاع، ع ـن الس ـرد المثال ـي ال ـذي طالم ـا مي للشـعوب. تنطلــق منهجيــة الدراســة مــن خلفيــة مفادهــا أن متلازمــة المحابــاة العائليــة فــي المجتمعــات ا إليهــا مــن زاويــة محدداتهــا، هــي ســليلة عقــدة ثقافية-أخلاقيــة تتجــاوز ً العربيــة، منظــور البنـاء الفينومينولوجـي للعالـم المعيـش، بمـا يقتضيـه ذلـك مـن اختيـارات عقلانيـة أو دوافـع

| 16

أكسـيولوجية، لتضـرب بجذورهـا فـي سـطوة عوامـل بنيويـة تتجسـد فـي الاقتصـاد والبيولوجيـا والمن ـاخ والثقاف ـة. وتجـدر الإشـارة إل ـى أن تحلي ـل المعطي ـات يسـلك مرحلت ـ متكاملت ـ : أ- المرحلـة الأولـى: تتعلـق بدراسـة التأثيـر الـذي تمارسـه المتغيـرات المسـتقلة فـي تبايـن أخـ ق المحابــاة العائليــة علــى المســتوى المجتمعــي. وفــي هــذا الإطــار، تم إدراج البيانــات الخاصــة ـا. ويتعلـق الأمـر بالمغـرب، والجزائـر، وتونـس، وموريتانيـا، ّ ً ا عربي ً بلـد 15 دولـة مـن بينهـا 180 بــ وليبيــا، ومصــر، والســودان، واليمــن، والســعودية، وســوريا، ولبنــان، والعــراق، والأردن، مـان، والكوي ـت. ُ وع ب- المرحل ـة الثانيــة: تش ـمل دراس ـة التأثي ـر الــذي تمارســه أخــ ق العائليــة عل ـى المتغي ـرات السياســية التابعـة كمـا يوضحهـا الجـدول أسـفله. ويتعلـق الأمـر بالديمقراطيـة الفعليـة والفعـل الاحتجاجـي والديمقراطيـة التوزيعيـة وغيرهـا مـن المتغيـرات السياسـية. وتسـمح نتائـج الدراسـة بانكشــاف أحـد العوامـل الكابحـة للانتقـال الديمقراطـي فــي البلـدان العربيـة وتقديـر الـوزن السـلبي ال ـذي يرهـن م ـن خلال ـه مسـتقبل الوجودي ـة السياسـية ويمن ـع تفت ـق طاق ـات التغيي ـر ﺏ- ﺍﳌﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ : ﺗﺸﻤﻞ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﺘﺄﺛﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﲤﺎﺭﺳﻪ ﺃﺧﻼﻕ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺘﻐﲑﺍﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﻮﺿﺤﻬﺎ ﺍﳉﺪﻭﻝ ﺃﺳﻔﻠﻪ. ﻭﻳﺘﻌﻠﻖ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺟﻲ ﻭﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﻟﺘﻮﺯﻳﻌﻴﺔ ﻭﻏﲑﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﳌﺘﻐﲑﺍﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ. ﻭﺗﺴﻤﺢ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺑ ﺎﻧﻜﺸﺎﻑ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻌﻮﺍﻣﻞ ﺍﻟﻜﺎﲝﺔ ﻟﻼﻧﺘﻘﺎﻝ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻲ ﰲ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟ ﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺗﻘﺪﻳﺮ ﺍﻟﻮﺯﻥ ﺍﻟﺴﻠﱯ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻫﻦ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩﻳﺔ ﺍﻟﺴ ﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﳝﻨﻊ ﺗﻔﺘﻖ ﻃﺎﻗﺎﺕ ﺍﻟﺘﻐﻴﲑ ﺍ ﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ. ﻭﺗﻐﻄﻲ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﻗﻴﺪ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻌﻮﺍﻣﻞ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﳝﻐﺮﺍﻓﻴﺔ ﻭﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ. ﺟﺪﻭﻝ ﺭﻗﻢ 1) ( ﻳﻮﺿﺢ ﻣﺘﻐﲑﺍﺕ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ

ﻭﻓﺮﺓ ﻣﺼﺎﺩﺭ ﺍﳌﻴﺎﻩ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩ ﺓ) (15 ﻗﻠﺔ/ﻭﻓﺮﺓ ﺍﻷﻭﺑﺌﺔ ﺍﻟﻔﺘﺎﻛﺔ (16) ﺍﻟ ﺒﻌﺪ ﺍﳉﻐﺮﺍﰲ ﻋﻦ ﺃﺻﻞ ﺍﳉﻨﺲ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻱ) (17

ﺍﻟﻌﻮﺍﻣﻞ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ

ﺃﺧﻼﻕ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﻴ ﺔ) (18 ﻗﻴﻢ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﻭﺍﻟﻔﺮﺩﺍﻧﻴ ﺔ) (19 ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟ ﻲ) (20

ﺍﳌﺘﻐﲑﺍﺕ ﺍﻟﺴﻮﺳﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ

ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴ ﺔ) (21 ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻟﺘﻮﺯﻳﻌﻴ ﺔ) (22 ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺟ ﻲ) (23 ﺷﻜﻞ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳ ﻲ) (24 ﺍﻟﺮﻋﺐ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳ ﻲ) (25

ﺍﳌﺘﻐﲑﺍﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ

ﻭﻗﺪ ﰎ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﻣﻌﻄﻴﺎﺕ ﺍﳌﺆﲤﺮ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺍﻟﻌﺎﳌﻲ ﻟﺴﻨﺔ 2016 ﺣﻮﻝ ﻋﺪﺩ ﺍﻷﻗﺎﺭﺏ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺸﺘﻐﻠﻮﻥ ﰲ ﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻟﺒﻨﺎﺀ ﻣﺘﻐﲑ ﺃﺧﻼﻕ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﻴ ﺔ) ،(26 ﻟﻜﻦ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﰲ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ﺍﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﰎ ﺍﻟﻠﺠﻮﺀ ﺇﱃ ﻣﻌﻄﻴﺎﺕ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﺪﻭﱄ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻘﻴﻢ ) World Values Survey .**(

17 | أخلاق العائلية ومستقبل الديمقراطية في العالم العربي

الاجتماعــي والسياســي. وتغطــي البيانــات قيــد الدراســة العوامــل الثقافيــة والديمغرافيــة والإيكولوجيــة والاقتصاديــة والسياســية. حـول عـدد الأقـارب 2016 وقـد تم اعتمـاد قاعـدة معطيـات المؤتمـر الاقتصـادي العالمـي لسـنة ، لكـن بالنسـبة )26( الذيـن يشـتغلون فـي المؤسسـات الاقتصاديـة لبنـاء متغيـر أخـ ق العائليـة لبع ـض ال ـدول العربي ـة الت ـي تعتم ـد ف ـي اقتصاده ـا عل ـى العمال ـة الأجنبي ـة تم اللج ـوء إل ـى ويكشــف الجــدول أســفله .**)World Values Survey( معطيــات البحــث الدولــي حــول القيــم نتائــج التحليــل العاملــي الاستكشــافي وطبيعــة البنــود المختــارة كأفضــل تعبيــر متــاح عــن المتغي ـر المرك ـزي له ـذه الدراسـة. وق ـد تم حس ـاب المع ـدلات الوطني ـة لأخـ ق العائلي ـة م ـن خـ ل إجابــات المبحوثــ عل ـى أسـئلة الاسـتبيان الخــاص بالبحـث الدول ـي؛ حي ـث توضـح العوام ـل المس ـتخرجة مكون ـات المتغي ـر الم ـدروس. وتص ـل نس ـبة التباي ـن الإجمال ـي إل ـى م ـا .63.30% يقــارب التحليـل العاملـي أن العائليـة غيـر الأخلاقيـة تنبنـي علـى ثلاثـة عوامـل؛ تشـمل: الحـذر ِّ يبـ æ ﻳﺒﻴ ﻦ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﻲ ﺃﻥ ﺍﻟ ﻌﺎﺋﻠﻴﺔ ﻏﲑ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﺗﻨﺒﲏ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﻋﻮﺍﻣﻞ؛ ﺗﺸﻤﻞ: ﺍﳊﺬﺭ ﻣﻦ ﺍ ﻟﻐﲑ، ﻭﺍﻟﺘﻨﺸﺌﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺭﺗﺒﺎﻁ، æ ﻭﺃﳘﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﺔ. ﻭﺗﻌﺒ ﺮ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﳌﻨﺪﺭﺟﺔ ﲢﺖ ﻛﻞ ﻋﺎﻣﻞ ﻋﻦ ﺩ ﺭﺟﺔ ﺗﺸﺒﻊ ﺍﻟﺒﻨﻮﺩ ﺑ ﻜﻞ ﻋﺎﻣﻞ ﻋ ﻠﻰ ﺣﺪﺓ. ﺟﺪﻭﻝ ﺭﻗﻢ ) 2 ( ﻳﱪﺯ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﻲ ﻟﺒﻨﻮﺩ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﻴﺔ ﻏﲑ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﻡ ﺍﻟﺒﻨــ ـــــــﻮﺩ ﺍ ﻟﻌﻮﺍﻣﻞ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ (%) ﺍﳊﺬﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﲑ ﺍﻟﺘﻨﺸﺌﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺭﺗﺒﺎﻁ ﺃﳘﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﺔ 1 ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺑﺄﻥ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻗﺪ ﻳﺴﺘﻐﻠﻮﻧﻚ 0,868 - - 2 ﻋﺪﻡ ﻭﺿ ﻊ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﰲ ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ 0,866 - - 3 ﺗﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻨﺎﺷﺌﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳋﻀﻮﻉ - 0,771 - 4 ﺭﻓﺾ ﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﺍﻷﺳﺮﺓ - 0,736 - 5 ∞ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﺟﺪ ﺍ - - 0,745 6 ﺍﻷﺻﺪﻗﺎﺀ ﻏﲑ ﻣﻬﻤﲔ ﰲ ﺍﳊﻴﺎﺓ - - 0,744 ﻧﺴﺒﺔ ﺍﻟﺘﺒﺎﻳﻦ ﺍﳌﹸ ﻔﹶ æ ﺴ ∫ ﺮﺓ %25.90 %18.90 %18.50 .2 ﺍﻟﺘﺒﺎﻳﻦ ﰲ ﺃﺧﻼﻕ ﺍﻟﻌﺎﺋ ﻠﻴﺔ : ﺍﳉﺬﻭﺭ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪﺓ ﻟﻔ ﻴﻨﻮﻣﻴ ﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﳏﺎﺑﺎﺓ ﺍﻷﻗﺎﺭﺏ ﺗﻀﺮﺏ ﺃﺧﻼﻕ ﺍﻟﻌﺎﺋ ﻠﻴﺔ، ﻛﻤﻤﺎﺭﺳﺔ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، ﲜﺬﻭﺭﻫﺎ ﰲ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻮﺍﻣﻞ ﺍﻟﺒﻨﻴﻮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﳝﺮ ﺗﺄﺛﲑ ﻫﺎ ﻋﱪ ﻣﻨﻈﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﳌﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﻔﻘﺮ ﻭﺍﻟﻨﺪﺭﺓ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺷﻈﻒ ﺍﻟﻌﻴﺶ؛ ﻭﻻ ﺗﺘ ﺤﻮﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﺑﲔ ﻋﺸﻴ ﺔ ﻭﺿﺤﺎﻫﺎ ، ﺑﻞ ﺗﺒﻘﻰ ﺭﻫﻴﻨﺔ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﻴﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻀﻤﻦ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭﻫﺎ ﺣﱴ ﺧﺎﺭﺝ ﺍ ﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﳌﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﻣ ﺎ ú ﻬﺪﺕ ﻟﻨﺸﺄ ،

| 18

ـر القيـم المندرجـة تحـت كل عامـل ِّ مـن الغيـر، والتنشـئة علـى الارتبـاط، وأهميـة العائلـة. وتعب عـن درجـة تشـبع البنـود بـكل عامـل علـى حـدة. .التباين في أخلاق العائلية: الجذور البعيدة لفينومينولوجيا محاباة الأقارب 2 تضـرب أخـ ق العائليـة، كممارسـة ثقافيـة واجتماعيـة، بجذورهـا فـي العديـد مـن العوامـل البنيويـة التـي يمـر تأثيرهـا عبـر منظومـات القيـم المرتبطـة بالفقـر والنـدرة الاقتصاديـة وشـظف العيـش؛ ولا تتحـول هـذه الأخـ ق بـ عشـية وضحاهـا، بـل تبقـى رهينـة مبـدأ الاسـتقلالية الوظيفيــة الــذي يضمــن اســتمرارها حتــى خــارج الظــروف الماديــة التــي مهــدت لنشــأتها، ي ـه المب ـدأ البيولوجـي لا ينكف ـئ بس ـهولة إل ـى ِّ ذ َ غ ُ مم ـا يعن ـي أن اس ـتمرار عق ـد القراب ـة ال ـذي ي الـوراء تحـت تأثيـر التحديـث المؤسسـاتي والاجتماعـي، وهـو مـا تؤشـر عليـه حالـة المحابـاة فـي المجتمعـات العربيـة. . المحاباة العائلية في العالم العربي: أوج في زمن الحداثة السائلة 1.2 تسـتفحل ظاهـرة العائليـة فـي المجتمعـات العربيـة بشـكل ملمـوس. وبالرغـم مـن كونهـا تنتمي إلـى العوالـم الخفي ـة للسياسـة التحتي ـة للحاكمـ والمحكومـ عل ـى السـواء، فإنهـا تنكشـف بشـكل سـافر علـى مسـتوى الممارسـات اليوميـة فـي الفضـاءات العامـة. وقـد أسـهمت مواقـع التواصـل الاجتماع ـي ف ـي تعري ـة ه ـذه الممارس ـات عل ـى الم ـ ف ـي معظ ـم ال ـدول العربي ـة، وذلــك مــن خــ ل التلصــص حــول التدخــ ت الخفيــة للمســؤولين العموميــ وكشــف خيوطهـا الدقيقـة. والملاحظـة المثيـرة للانتبـاه أنـه ينـدر وجـود مسـؤولين سياسـيين أو إداريـ ـر ذل ـك فـي الحقيقـة عـن طبيعـة الفسـاد ِّ ب ـدون أقرب ـاء فـي مؤسسـات الدول ـة العربي ـة. ويعب . ويبـدو أن هـذه المعضلـة )27( الـذي ينخـر الأجهـزة السياسـية والبيروقراطيـة فـي العالـم العربـي ـا ً الأخلاقي ـة والثقافي ـة تستشـري ف ـي قطاعـات الاقتصـاد والإدارة والسياسـة ولا تسـتثني أيض ى ذلك إلـى اسـتثمار المحاباة َ ـز ْ ع ُ فضـاء الجامعـات والبحـث العلمـي الحافلـة بالنخـب المثقفـة. وي العائليـة مـن أجـل الحصـول علـى الألقـاب المدرسـية الضروريـة لولـوج الوظائـف العامـة. أمـا ا لأخـ ق العائلي ـة، بصـرف النظـر ً ل ب ـدون أدن ـى شـك، مسـتنقع ِّ المجـال السياسـي، فيشـك

19 |

أخلاق العائلية ومستقبل الديمقراطية في العالم العربي

عـن طبيعـة الأطيـاف المتنافسـة. ، منـذ مـا يزيـد عـن أربعـ سـنة، طبيعـة التحالفـات )John waterbury( رصـد جـون واتربـوري العائليــة العابــرة للأحــزاب السياســية المغربيــة والتــي تخــدم اســتراتيجيات الحفــاظ علــى ، وهـي )28( التمايـزات الاجتماعيـة، مـع مـا يسـتلزم ذلـك مـن مصـالح ماديـة ورمزيـة رفيعـة . )29( المعاينـة نفسـها التـي توصـل إليهـا علـي بـن حـدو فـي دراسـة قيمـة حـول نخـب المملكـة فـرض قيادي ـو الأحـزاب السياسـية أقرب ـاء لهـم مـن ،2016 وفـي الانتخاب ـات التشـريعية لسـنة لـة َّ الشـباب والنسـاء فـي اللائحـة الوطنيـة لكـي يسـتفيدوا بأقـل تكلفـة مـن الأصـوات المحص علـى مسـتوى اللوائـح المحليـة. وقـد انخـرط الإسـ ميون بـدون تـردد فـي هـذه المعادلـة وذلـك ا علـى نهـج الأطيـاف السياسـية الأخـرى. ً سـير ـا ملتويـة تنطلـق مـن ً إن السـعي نحـو الثـراء وتكديـس الثـروة فـي العالـم العربـي يسـلك طرق السياسـة ف ـي اتجـاه الاقتصـاد. وق ـد سـجل الملاحظ ـون أن الانفت ـاح ال ـذي عرف ـه الاقتصـاد ـا للسـلطة الاقتصاديـة للأقربـاء وأصهـار ّ ً ا مرضي ً السياسـي فـي البلـدان العربيـة قـد شـهد صعـود صانعـي القـرار، فـي الوقـت الـذي يضـرب فيـه طـوق جبائي-بيروقراطـي شـديد علـى ذوي . ويسـهم الاسـتثمار المؤسسـاتي لأخـ ق العائلي ـة ف ـي صناعـة النخـب )30( المب ـادرات الحـرة ـا مـا تسـتغل هـذه النخـب النفـوذ ً التـي تتصـرف بالوكالـة وتتبـادل الخدمـات والمنافـع. وغالب السياسـي لصانعـي القـرار لتتملـص مـن الضرائـب وتسـتفيد مـن الريـع وتحتكر مجـالات ومواقع تغـري بالثـراء السـريع. وهـو مـا يعنـي أن الدولـة كتجسـيد للعقـل والمشـاعر المدنيـة تعترضهـا صعوبــات فينومينولوجيــة جمــة تتجلــى فــي تصورهــا مــن طــرف المجموعــات الاجتماعيــة والسياسـية كمجـال رحـب لمحابـاة الأقـارب، مـن خـ ل إسـناد المناصـب لفائـدة زمـر تفتقـد إل ـى الإرادة الأخلاقي ـة ف ـي التغيي ـر. ومم ـا لا ش ـك في ـه، أن ه ـذه العق ـدة الثقافية-السياس ـية ق ـد أعاق ـت تشـكيل الدول ـة ف ـي صـدر الإسـ م عل ـى أسـس غي ـر تل ـك المرتبطـة بالن ـوازع . ويبـدو أن فشـل قيـام الدولـة بالمعنـي الهيجلـي فـي هـذه الجغرافيـة الثقافيـة يعـود )31( الفطريـة إلـى نـزوع المجتمعـات السياسـية العربيـة نحـو إخضـاع التطـور المؤسسـاتي لمقتضيـات المنطـق

| 20

. )32( الجين ـي إن احتمـال وجـود أقربـاء فـي المؤسسـات العامـة، وكـذا فـي المؤسسـات الاقتصاديـة الخاصـة بالمجتمعـات العربيـة، يتجـاوز بشـكل لا جـدال فيـه المجتمعـات الأخـرى، وهـو مـا تكشـف عنـه نتائـج تحليـل التبايـن الأحـادي الـذي تحتـل فيـه أخـ ق العائليـة وضعيـة المتغيـر التابـع. ـة بـ المجتمعـات العربيـة ومجتمعـات أميـركا َّ تؤكـد نتائـج التبايـن وجـود فـروق جوهريـة دال اللاتيني ـة والمجتمعـات الغربي ـة فيمـا يخـص المعـدلات المحصـل عليهـا عل ـى مقي ـاس العائلي ـة . وت ـدل ه ـذه الف ـروق عل ـى وجـود اختلاف ـات ثقافي ـة ف ـي التعام ـل م ـع )F=42.41 ; p<0.001( الأقـارب فـي الفضـاءات والمؤسسـات العامـة؛ حيـث تتربـع المجتمعـات العربيـة بـدون منـازع علـى المعـدلات العليـا، وهـو مـا يجعـل منهـا مجتمعـات للمحابـاة العائليـة دون أدنـى شـك. وتحتــل كل مــن موريتانيــا واليمــن ومصــر والســودان المراتــب المتقدمــة علــى ســلم هــذه العق ـدة، بينم ـا ترجـع المراتــب الأخي ـرة للبحري ـن والمغــرب وتونــس والأردن ولبن ـان وســوريا وتتموقـع السـعودية والجزائـر والعـراق والكويـت فـي الوسـط. ولكـن هـذه الفروقـات الملاحظـة ﺇﻥ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﻭﺟﻮﺩ ﺃﻗﺮﺑﺎﺀ ﰲ ﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ، ﻭﻛﺬﺍ ﰲ ﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳ ﺔ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﺑ ﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮ ° ﺎ ﺑﻴﺔ، ﻳﺘﺠﺎﻭﺯ ﺑﺸ ﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ ° ﻜﻞ ﻻ ﺟﺪﺍﻝ ﻓﻴﻪ ﺍ ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺗﻜﺸﻒ ﻋﻨﻪ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﲢﻠﻴﻞ ﺍﻟﺘﺒﺎﻳﻦ ﺍﻷﺣﺎﺩﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﲢﺘﻞ ﻓﻴﻪ ﺃﺧﻼﻕ ﺍﻟﻌﺎ ﺋﻠﻴﺔ ﻭﺿﻌﻴﺔ ﺍﳌﺘﻐﲑ ﺍﻟﺘﺎﺑﻊ . ﺷﻜﻞ ﺭﻗﻢ ) (1 ﻳﻮﺿﺢ ﺘﻤﻌﺎﺕ t ﺗﺒﺎﻳﻦ ﺃﺧﻼﻕ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﻴﺔ ﺣﺴﺐ ﺍ

ﺗﺆﻛﺪ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺍﻟﺘﺒﺎﻳﻦ ﻭﺟﻮﺩ ﻓﺮﻭﻕ ﺟﻮﻫﺮﻳﺔ ﺩﺍﻟﱠ ﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ° ﻴﺔ ﻭﺍ ﻓﻴﻤﺎ ﳜﺺ ﺍﳌﻌﺪﻻﺕ ﺍﶈﺼﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﻴﺎﺱ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﻴﺔ (F=42.41 ; p<0.001) . ﻭﺗﺪﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺮﻭﻕ ﻋﻠﻰ ﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﳎﺘﻤﻌﺎﺕ ﺃﻣ ° ﺔ ﺑﲔ ﺍ ﲑﻛﺎ ﺍﻟﻼﺗﻴﻨ

21 |

أخلاق العائلية ومستقبل الديمقراطية في العالم العربي

ل خاصي ـة ِّ تكتس ـي دلال ـة ضعيف ـة ف ـي معظ ـم الأحي ـان، مم ـا يعن ـي أن المحاب ـاة العائلي ـة تش ـك ثقافيـة مشـتركة بـ المجتمعـات العربيـة قيـد الدراسـة. وتكشـف هـذه النتائـج عـن إحـدى ـر عـن فشـل تيـارات الحداثة ِّ البنيـات الثقافيـة المهيكلـة للاجتمـاع فـي المجتمعـات العربيـة وتعب فـي إلحـاق الرضـوض بالعلاقـات الت ـي تجمـع الإنسـان العرب ـي بأقارب ـه. . الجذور البنيوية للعائلية غير الأخلاقية: 2.2 من الأصل الجغرافي للجنس البشري إلى قيم التحرر

ﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺣﺴﺐ ﺃﺧﻼﻕ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﻴﺔ t ﺗﺮﺗﻴﺐ ﺍ

ﺷﻜﻞ ﺭﻗﻢ ) w 2 ( ﻳﺒﻴﻦ

نظـر إلـى الثقافـة فـي التقليـد الأنثروبولوجـي كمجموعـة مـن الحلـول التـي يبتدعهـا الإنسـان ُ ي ). والواقـع أن 33( لمواجهـة المشـاكل التــي تطرحهـا الأنســاق الإيكولوجيـة بمكوناتهـا المختلفـة ـا ً ذلـك لاحق ِّ المحابـاة العائليـة، كعقـدة ثقافيـة، لا يمكـن فصلهـا عـن هـذا الطـرح كمـا سـنب ا علــى الاختبــارات الإحصائيــة. وإذا كانــت الثقافــة تتوســط العلاقــة بــ العوامــل ً اعتمــاد البنيويــة وأنمــاط مــن الاتجاهــات حيــال مجموعــات الانتمــاء، فــإن دراســة هــذه العلاقــة مــن الناحيــة الجينيالوجيــة يســتلزم ربطهــا بمؤثــرات خارجيــة موغلــة فــي القــدم ومســتمرة . فق ـد انتب ـه الباحثــون إل ـى دور المن ـاخ ف ـي التكري ـس الاجتماعـي )34( ف ـي الحاضـر المعي ـش 14 .2.2 ﺍﳉﺬﻭﺭ ﺍﻟﺒﻨﻴﻮﻳﺔ ﻟﻠﻌﺎﺋﻠﻴﺔ ﻏﲑ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ: ﻣﻦ ﺍﻷﺻﻞ ﺍﳉﻐﺮﺍﰲ ﻟﻠﺠﻨﺲ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﺇﱃ ﻗﻴﻢ ﺍﻟﺘﺤ ﺮﺭ  ﻳ ﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﰲ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﺍﻷﻧﺜﺮﻭﺑﻮﻟﻮﺟﻲ ﻛﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﳊﻠﻮﻝ ﺍﻟﱵ ﻳﺒﺘﺪﻋﻬﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﳌﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﳌﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟ ﱵ ﺎ ú ﺗﻄﺮﺣﻬﺎ ﺍﻷﻧﺴﺎﻕ ﺍﻹﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﲟﻜﻮﻧﺎ ﺍﳌﺨﺘﻠﻔﺔ (33) . ﻭﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺃﻥ ﺍﶈﺎﺑﺎﺓ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﻴﺔ، ﻛﻌﻘﺪﺓ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ، ﻻ ﳝﻜﻦ ﻓﺼﻠﻬﺎ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﺡ ﻛ æ ﻤﺎ ﺳﻨﺒﻴ ﻦ ﺫﻟﻚ ﻻﺣﻘﹰ É ﺎ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺧﺘﺒﺎﺭﺍﺕ ﺍﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺔ. ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺗﺘﻮﺳﻂ ﺍ ﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﻮﺍﻣﻞ ﺍﻟﺒﻨﻴﻮﻳﺔ ﻭ ﺃﳕﺎﻁ ﻣﻦ ﺍﻻﲡﺎﻫﺎﺕ ﺣﻴﺎﻝ ﳎﻤﻮﻋﺎﺕ ﺍﻻﻧﺘﻤﺎﺀ، ﻓﺈﻥ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﳉﻴﻨﻴﺎﻟﻮﺟﻴﺔ ﻳﺴﺘﻠﺰﻡ ﺭﺑﻄﻬﺎ ﲟﺆﺛﺮﺍﺕ ﺧﺎﺭﺟﻴﺔ ﻣﻮﻏﻠﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﺪﻡ ﻭﻣﺴﺘﻤﺮﺓ ﰲ ﺍﳊ ﺎﺿﺮ ﺍﳌﻌﻴﺶ 34) (. ﻓﻘﺪ ﺍﻧﺘﺒﻪ ﺍﻟﺒﺎﺣﺜﻮﻥ ﺇﱃ ﺩﻭﺭ ﺍﳌﻨﺎﺥ ﰲ ﺍﻟﺘﻜﺮﻳﺲ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻠﻤﺤﺎﺑﺎﺓ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﻴﺔ ﻭﻳﻌﺰﻭﻥ ﺫﻟﻚ ﺇﱃ ﺗﺄﺛﲑﻩ ﻏﲑ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ ﰲ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻄﻴﺔ (35) ﻭﻛﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻴﻪ ﺭﻳﺘﺸﺎﺭﺩ ﺩﺍﻭﻛﻴﻨﺰ ) Richard Dawkins ( ﺑـ “ ﺍﳉﲔ ﺍﻷﻧﺎﱐ .(36)"

| 22

للمحابـاة العائليـة ويعـزون ذلـك إلـى تأثيـره غيـر المباشـر فـي تشـكيل منظومـة القيـم الترابطيـة . )36( بــ “الجـ الأنانـي” )Richard Dawkins( وكـذا مـا يسـميه ريتشـارد داوكين ـز )35( يسـهم المن ـاخ ف ـي تباي ـن التهدي ـدات والمخاطـر الت ـي تحـدق ببق ـاء الجن ـس البشـري؛ فن ـدرة ه الحـارة أو ُ ض قسـاوت ِّ ـر َ ع ُ الحاجيـات الضروريـة للعيـش عـادة مـا ترتبـط بطبيعـة المنـاخ الـذي ت . وينتـج عـن ذلـك أنمـاط مـن السـيكولوجيا )37( البشـري لمختلـف أنـواع العـوز َ البـاردة الجنـس الثقافيـة تتميـز بالتنافـس الشـديد حـول المـوارد مـع انتشـار مشـاعر الحيطـة والحـذر، ممـا يدفـع ً ل مجـا ِّ الأفـراد إلـى التمسـك بالمجموعـات التـي تضمـن التقـارب الطبيعـي، وهـو مـا يشـك ـا لمحابـاة الأرحـام. ً خصب إضافـة إلـى عامـل المنـاخ، تسـهم الأنسـاق الإيكولوجيـة الفقيـرة فـي تكريـس هـذه المتلازمـة الثقافيـة مـن خـ ل تكثيـف المخاطـر المحيطـة بالبقـاء علـى وجـه البسـيطة. لذلـك مـن المفترض ا ً أن تك ـون المجتمع ـات القاطن ـة بالمناط ـق القاحل ـة والخاضع ـة لقس ـاوة المن ـاخ أكث ـر اس ـتعداد مـن غيرهـا لتشـجيع متلازمـة العائليـة غيـر الأخلاقيـة وذلـك كاسـتراتيجيات ثقافيـة لضـرورة التعاضـد والتضامـن الضيـق فـي سـياقات عدوانيـة. ل التوليفــة ب يــن المنــاخ المعتــدل ووفــرة المــوارد، الشــرط ِّ وبنــاء علــى مــا ســبق، ستشــك الإيكولوج ـي المثال ـي لنش ـأة منظوم ـات قيمي ـة مغاي ـرة للعائلي ـة غي ـر الأخلاقي ـة. ولا غ ـرو أن لدراسـة السـوابق )Christian Welzel)(38( مؤشـر وفـرة مصـادر الميـاه الذي صممه كريسـتيان ويلـزل ـر عـن التوليفـة سـالفة الذكـر. يتكـون ِّ عب ُ خيـر م ُّ ـد َ ع ُ الإيكولوجيـة المؤهلـة للتقـدم التكنولوجـي ي هـذا المؤشـر مـن ثلاثـة متغيـرات، نوردهـا باقتضـاب كمـا يلـي: ا. ّ ً .مناخ يميل إلى البرودة نسبي 1

.تساقطات مستمرة على طول الفصول. 2 .وجود أنهار قابلة للملاحة بشكل دائم. 3

نظـر مـن الناحيـة الثقافيـة والاقتصاديـة إلـى وفـرة مصـادر الميـاه البـاردة كعامـل مسـاعد علـى ُ ي الث ـروة الزراعي ـة والفلاحي ـة بأقـل تكلفـة ممكن ـة؛ حي ـث تصب ـح الحاجـة إل ـى العائل ـة الممت ـدة

23 |

أخلاق العائلية ومستقبل الديمقراطية في العالم العربي

ل ســلطة ُّ مــن أجــل الســيطرة علــى المــوارد غيــر ضروريــة، وهــو مــا يعنــي أن فــرص تشــك سياسـية تراقـب الأفـراد مـن خـ ل احتـكار الميـاه والمـوارد تـكاد تكـون ضعيفـة. إن الأمـن الاقتصـادي الـذي تسـمح بـه وفـرة مصـادر الميـاه يسـهم فـي بنـاء بنيـة سياسـية لا تحتـاج إلا نتائـج تحليـل التبايـن الأحـادي وجـود فـروق ِّ لإعمـال متلازمـة الأخـ ق العائليـة. تبـ ً قليـ ظهـر الشـكل موقـع المجتمعـات ُ ـة ب ـ المجتمعـات فيمـا يتعل ـق بمؤشـر مصـادر المي ـاه. وي َّ دال العربي ـة المنخفـض مقارن ـة بالمجتمعـات الغربي ـة. لكـن ثم ـة سـؤال يتعل ـق بطبيع ـة الأف ـق التأويل ـي ال ـذي يجـب أن ين ـدرج في ـه فه ـم النتائ ـج: مـا الـذي يجعـل المجتمعـات العربيـة تحتـل ذلـك الموقـع المتدنـي علـى مسـتوى هـذا المتغيـر

ﺘﻤﻌﺎﺕ t ﺗﺒﺎﻳﻦ ﻣﻌﺪﻻﺕ ﻭﻓﺮﺓ ﺍﳌﻴﺎﻩ ﺣﺴﺐ ﺍ

ﺷﻜﻞ ﺭﻗﻢ ) 3 ( ﻳﻮﺿﺢ

الإيكولوجــي؟ يمكــن الإجابــة ع ـن هــذا الســؤال مــن خــ ل الرجــوع إلــى المســافة التــي قطعهــا الإنســان ـا مـن غـرب إفريقي ـا التــي شـهدت حسـب الدراســات ً منــذ عصـور مـا قب ـل التاري ـخ انطلاق . وهـو مـا يعنـي أن اسـتفادة المجتمعـات مـن مصـادر الميـاه )39( العلميـة ظهـور الإنسـان العاقـل ﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ° ﻟﻜﻦ ﲦﺔ ﺳﺆﺍﻝ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻷﻓﻖ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻠﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﳚﺐ ﺃﻥ ﻳﻨﺪﺭﺝ ﻓﻴﻪ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ: ﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﳚﻌﻞ ﺍ ﲢﺘﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﳌﻮﻗﻊ ﺍ ﳌﺘﺪﱐ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺘﻐﲑ ﺍﻹ ﻳﻜﻮﻟﻮﺟﻲ؟ ﳝﻜﻦ ﺍﻹ ﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺮﺟﻮﻉ ﺇﱃ ﺍﳌﺴﺎﻓﺔ ﺍﻟﱵ ﻗﻄﻌﻬﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻨﺬ ﻋﺼﻮﺭ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻧﻄﻼﻗﹰ ﺎ ﻣﻦ ﻏﺮﺏ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺍﻟﱵ ﺷﻬﺪﺕ ﺣﺴﺐ ﺍﻟﺪﺭ ﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻗﻞ (39) . ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﲏ ﺃﻥ ﺍﺳﺘﻔﺎﺩﺓ ﺘﻤﻌﺎﺕ ﻣﻦ ﻣﺼﺎﺩﺭ ﺍﳌﻴﺎﻩ ﺭﻫﲔ ﺑﺎﳌﺴﺎﻓﺔ ﺍﳉﻐﺮﺍﻓﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﻗﻄﻌﻬﺎ ﺃﺳ ° ﺍ ﻼﻓﻬﻢ ﺍﻧﻄﻼﻗﹰ ﺎ ﻣﻦ ﺇﺛ ﻴﻮﺑﻴﺎ ﺇﱃ ﻣﻮﻃﻨﻬﺎ ﺍﳊﺎﱄ (40) . ﻭﳑﺎ ﻻ ﻳﺪﻉ ﳎﺎﻟﹰ ﺎ ﻟﻠﺸﻚ، ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﱵ ﺳﺘﺸﻜﱢ ﻞ ﻻﺣﻘﹰ ﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻗﺪ ﻇﻠﺖ ﺗﺘﺤﺮ ° ﺎ ﺍ ∞ ﻙ ﺃﻓﻘﻴﺎ É ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺲ ﺧﻄﻮﻁ ﺍﻟﻌﺮﺽ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﻤﻮﻗﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺗﻘﺮﻳﺒ ﺎ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ، ﺎ ﱂ ﺗﱪﺡ ﺇﻻ ﻗ é ﻭﻳﻌﲏ ﻫﺬﺍ ﺃ ﻠﻴﻠﹰ ﺎ ﺍﻟﻨﻄﺎﻕ ﺍﳌﻨﺎﺧﻲ ﺫ ﺍﺗﻪ. ﻓﻘﺪ ﻗﻞﱠ ﺗﻮﺟ‰ ﻬﻬﺎ ﺇﻻ ﻧﺎ ﺩ É ﺭ ﺍ ﲡﺎﻩ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ؛ ﺣﻴﺚ ﻳﺮﺗﻔﻊ ﺷﻴﺌﹰ ﺎ ﻓﺸﻴﺌﹰ ﺎ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﺍﻟﺘﻌﺮﺽ ﻟﺘﺒﺎﻳﻦ ﺍﳌ ﻨﺎﺥ، ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ

| 24

ـا م ـن إثيوبي ـا إل ـى موطنه ـا الحال ـي ً ره ـ بالمس ـافة الجغرافي ـة الت ـي قطعه ـا أس ـ فهم انطلاق ــا المجتمع ـات العربي ـة ً ل لاحق ِّ للشــك، أن الش ـعوب الت ـي ستش ـك ً . ومم ـا لا ي ـدع مجــا )40( ـا إفريقي ـا ً ـا عل ـى نف ـس خط ـوط الع ـرض الت ـي تتموق ـع عليه ـا تقريب ّ ً ق ـد ظل ـت تتحـرك أفقي ههـا إلا ُّ توج َّ النطـاق المناخـي ذات ـه. فقـد قـل ً الشـرقية، ويعن ـي هـذا أنهـا لـم تب ـرح إلا قلي ـ ا احتم ـال التع ـرض لتباي ـن المن ـاخ، وبالتال ـي ً ا فش ـيئ ً ا تج ـاه الش ـمال؛ حي ـث يرتف ـع ش ـيئ ً ن ـادر ) الفـروق بـ 4 الشـكل (رقـم ِّ الوصـول إلـى المناطـق التـي تحفـل بمصـادر الميـاه البـاردة. ويبـ المجتمعـات فيمـا يخـص المسـافة الجغرافيـة عـن القـرن الإفريقـي؛ حيـث يتضـح أن الشـعوب الخطـوط الجغرافيـة الأفقيـة وذلـك بالرغـم مـن طابـع الغـزو الـذي ً العربيـة لـم تبـرح إجمـا

ﺷﻜﻞ ﺭﻗﻢ ) 4 ﻦ w ( ﻳﺒﻴ ﺍﳌﺴﺎﻓﺔ ﺍﳉﻐﺮﺍﻓﻴﺔ ﻋﻦ ﺍﻷﺻﻞ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ

ـز الفتوحــات الإسـ مية. َّ مي هنـاك نمـط آخـر مـن الأمـن الوجـودي الـذي تسـمح بــه وفــرة مصـادر الميـاه البـاردة ويتعلـق ل وانتقـال ُّ ـا أمـام تشـك ً ل عائق ِّ ا ووفـرة الميـاه الجاريـة، تشـك ّ ً بقلـة الأوبئـة؛ فالمنـاخ البـارد نسـبي العــدوى. وتســهم هـذه العوامــل فـي تواصــل الأفــراد وانفت ـاح بعضهـم علــى بعـض عــوض ﻫﻨﺎﻙ ﳕﻂ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻦ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺴ ﻤﺢ ﺑﻪ ﻭﻓﺮﺓ ﻣﺼﺎﺩﺭ ﺍﳌﻴﺎﻩ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩﺓ ﻭﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻘﻠﺔ ﺍ ﻷﻭﺑﺌﺔ؛ ﻓ ﺎﳌﻨﺎﺥ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩ ∞ ﻧﺴﺒﻴ ﺎ ﻭﻭﻓﺮﺓ ﺍﳌﻴﺎﻩ ﺍﳉﺎﺭﻳﺔ، ﺗﺸﻜﱢ ﻞ ﻋﺎﺋﻘﹰ ﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺗﺸﻜﱡ ﻞ ﻭﺍﻧﺘﻘﺎﻝ ﺍﻟﻌﺪﻭﻯ. ﻭﺗ ﺴ ﻬﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻮﺍﻣﻞ ﰲ ﺗﻮﺍﺻ ﻞ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﻤﻮﻋﺎﺕ ﺍﻟﺪﻣﻮﻳﺔ ﳐﺎﻓﺔ ﺍﻹﺻﺎﺑﺔ ﺑﺎﻷﻣﺮﺍﺽ ° ﻭﺍﻧﻔﺘﺎﺡ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﻋﻮﺽ ﺍﻟﺘﻘﻮﻗﻊ ﺣﻮﻝ ﺍ ﺍﻟﻔﺘﺎ ﻛﺔ ) .(41 ﻭﻳﻮﺿﺢ ﺍﻟﺮﺳﻢ ﺍﻟﺒﻴﺎﱐ ﺭﻗﻢ ) ° (5 ﺃﻥ ﺍ ﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺗﻘﻊ ﺿﻤﻦ ﺍﳌﻨﺎﻃﻖ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﻋﺮﺿﺔ ﻟﺴﻄﻮﺓ ﺍﻷﻭﺑﺌﺔ ؛ ﳑ ﺎ ﻳﻔﺮﺽ  ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻠﺠﻮﺀ ﺇﱃ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﻟﻠﺘﻨﻈﻴﻢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﻣﻨﻈﻮﻣﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﳊﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ. ﻭﻳ ∫ ﻌﺪ‰ ﺍﻻﺭﺗﺒﺎﻁ ﺎﱄ ﻭﺍﻟﻮﺟﺪﺍﱐ ﺑﺎﻷﻗﺮﺑﺎﺀ ﻭﺍﻟﺘﻮﺟﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺮﺑﺎﺀ ﺃﻫ ° ﺍ ﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻃﻼﻕ .

25 |

أخلاق العائلية ومستقبل الديمقراطية في العالم العربي

. ويوضـح الرسـم )41( التقوقـع حـول المجموعـات الدمويـة مخافـة الإصابـة بالأمـراض الفتاكـة ) أن المجتمعـات العربيـة تقـع ضمـن المناطـق الأكثـر عرضـة لسـطوة الأوبئـة؛ 5 البيانـي رقـم ( ممـا يفـرض عليهـا اللجـوء إلـى أشـكال للتنظيـم الاجتماعـي ومنظومـات مـن القيـم مـن أجـل الارتب ـاط المجال ـي والوجدان ـي بالأقرب ـاء والتوجـس مـن الغرب ـاء ُّ ـد َ ع ُ الحفـاظ عل ـى البقـاء. وي

ﺘﻤﻌﺎﺕ t ﺍﻟﺘﻌﺮﺽ ﻟﻸﻭﺑﺌﺔ ﺣﺴﺐ ﺍ

ﺷﻜﻞ ﺭﻗﻢ ) 5 ( ﻳﻮﺿﺢ ﺗﻮﺯﻳﻊ

أهـم هـذه الاسـتراتيجيات علـى الإطـ ق. إن الأمـن الاقتصـادي والوجـودي المرتبـط بالمنـاخ ووفـرة المـوارد وقلـة التعـرض للأوبئـة القاتلـة ي المجتمع ـات ِ ـد ْ ب ُ يوف ـر الشـروط المثالي ـة للتق ـدم الصناعــي والتكنولوجـي؛ فمـن المتوق ـع أن ت ا أكثــر م ـن غيرهـا للتق ـدم الصناعـي، ً التــي تتوف ـر فيهــا مشـاعر الإحســاس بالأم ـن اســتعداد ؛ حي ـث تسـجل المجتمعـات العربي ـة )6 وهـو مـا تكشـفه نتائــج تحلي ـل التباي ـن (الشـكل رقـم معـدلات متدنيـة مقارنـة بالمجتمعـات الغربيـة. ولا غـرو أن التحـولات الاجتماعيـة والثقافيـة المصاحبـة للتقـدم التكنولوجـي تنعكـس علـى البنيـات الاجتماعيـة والمنظومـات القيميـة علـى مة بذلـك، عبـر مسـار طويـل، فـي النـزوع نحـو قيـم الاسـتقلالية والانعتـاق مـن ِ السـواء، مسـاه ﺇﻥ ﺍﻷﻣﻦ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﻮﺟﻮﺩﻱ ﺍﳌﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﳌﻨﺎﺥ ﻭﻭﻓﺮﺓ ﺍﳌﻮ ﺍﺭﺩ ﻭﻗﻠﺔ ﺍﻟﺘﻌﺮﺽ ﻟﻸﻭﺑﺌﺔ ﺍﻟﻘﺎﺗﻠﺔ ﻳﻮﻓﺮ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﺍﳌﺜﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺘﻘﺪﻡ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ؛  ﻓﻤﻦ ﺍﳌﺘﻮﻗﻊ ﺃﻥ ﺗ Ã ﺒ Á ﺪ ﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﱵ ° ﻱ ﺍ ﺗﺘﻮﻓﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺸﺎﻋﺮ ﺍﻹﺣﺴ ﺎﺱ ﺑﺎﻷ ﻣﻦ É ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﺍ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻏﲑﻫﺎ ﻟﻠﺘﻘﺪﻡ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺗﻜﺸﻔﻪ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﲢﻠﻴﻞ ﺍﻟﺘﺒﺎﻳﻦ ) ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺭﻗﻢ ؛(6 ﺘﻤﻌﺎﺕ ° ﺣﻴﺚ ﺗﺴﺠﻞ ﺍ ﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ. ﻭﻻ ° ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻌﺪﻻﺕ ﻣﺘﺪﻧﻴﺔ ﻣﻘﺎﺭﻧﺔ ﺑﺎ ﻏﺮﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺤﻮﻻﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﳌﺼﺎﺣﺒﺔ ﻟﻠﺘﻘﺪﻡ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ﺗﻨﻌﻜﺲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻨﻴﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ Á ﻭﺍﳌﻨﻈﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻘﻴﻤﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻮﺍﺀ، ﻣﺴﺎﻫ ﻤﺔ ﺑﺬﻟﻚ، ﻋﱪ ﻣ ﺴﺎﺭ ﻃﻮﻳﻞ، ﰲ ﺍﻟﻨﺰﻭﻉ ﳓﻮ ﻗﻴﻢ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﻭﺍﻻﻧﻌﺘﺎﻕ ﻣﻦ ﺭﻗﺎﺑﺔ ﺍﳉﻤﺎﻋﺎﺗﻴﺔ.

| 26

رقابـة الجماعاتيـة. إن هـذا المسـار الطويـل الـذي يضـرب بجـذوره فـي عصـور مـا قبـل التاريـخ قـد بـدأ يتخـذ ـا ترتخـي مع ـه أخـ ق العائلي ـة كمنت ـوج مباشـر لب ـروز متلازم ـات ثقافي ـة تمي ـز ّ ً ـا قيمي ً مضمون المجتمعـات المعاصـرة إلا أن المجتمعـات العربي ـة لا تـزال تتمسـك بالعنصـر البيولوجـي سـواء

ﺘﻤﻌﺎﺕ t ﺗﺒﺎﻳﻦ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﺣﺴﺐ ﺍ

ﺷﻜﻞ ﺭﻗﻢ ) 6 ( ﻳﻈﻬﺮ

É ﻣﻀﻤﻮﻧ ∞ ﺎ ﻗﻴﻤﻴ ﺎ ﺗﺮﲣﻲ ﻣﻌﻪ

ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺴﺎﺭ ﺍﻟﻄﻮﻳﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻀﺮﺏ ﲜﺬﻭﺭﻩ ﰲ ﻋﺼﻮﺭ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻗﺪ ﺑﺪﺃ ﻳﺘﺨﺬ

عل ـى المســتوى السياسـي أو الاجتماعـي، وهـو مــا يفسـر إلـى حـد بعي ـد سـبب تخلفهــا. إن ارتفــاع منس ـوب العائليــة غي ـر الأخلاقي ـة ف ـي المجتمعــات العربيــة يرتبــط بش ـكل مباش ـر بضع ـف قي ـم الانعت ـاق والاس ـتقلالية وإف ـ س مضم ـون الأخ ـ ق الناتج ـة عنه ـا. كم ـا أنه ـا تنحــدر بش ـكل غيــر مباش ـر مــن سلس ـلة م ـن المتغي ـرات البنيوي ـة الت ـي تمــارس تأثيره ـا عب ـر مختلـف العلاقـات التوسـطية التـي تنتهـي )7( وسـاطة القيـم الثقافيــة. ويوضـح الشـكل رقــم حـول )Andrew Hayes( إل ـى أخـ ق العائلي ـة، حي ـث تم تصميمهـا وفـق نمـوذج أن ـدرو هايــس . )42( التوســط التسلســلي ﺃﺧﻼﻕ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﻴﺔ ﻛﻤﻨﺘﻮﺝ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻟﱪﻭﺯ ﻣﺘﻼﺯﻣﺎﺕ ﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﺓ ° ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﲤﻴﺰ ﺍ ﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍ ° ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍ ﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﺗﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﻟﻌﻨﺼﺮ ﺍﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻲ ﺳﻮﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺃﻭ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻔﺴﺮ ﺇﱃ ﺣﺪ ﺑﻌﻴﺪ ﺳﺒﺐ ﲣﻠﻔﻬﺎ. ﺇﻥ ﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﻣﻨﺴﻮﺏ ﺍﻟ ﻌﺎ ﺋﻠﻴﺔ ﻏﲑ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﺑﻀﻌﻒ ﻗﻴﻢ ﺍﻻﻧﻌﺘﺎﻕ ° ﰲ ﺍ ﺎ ﺗﻨﺤﺪﺭ ﺑﺸﻜﻞ ﻏﲑ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻣﻦ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﺘﻐﲑﺍﺕ é ﻭﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﻭﺇﻓﻼﺱ ﻣﻀﻤﻮﻥ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﺍﻟﻨﺎﲡﺔ ﻋﻨﻬﺎ. ﻛﻤﺎ ﺃ ﺍﻟﺒﻨﻴﻮﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﲤﺎﺭﺱ ﺗﺄﺛﲑﻫﺎ ﻋﱪ ﻭﺳ ﺎﻃﺔ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ. ﻭﻳﻮﺿﺢ ﺍﻟ ﺸﻜﻞ ﺭﻗﻢ ) (7 ﳐﺘﻠﻒ ﺍ ﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺘﻮﺳﻄﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺇﱃ ﺃﺧﻼﻕ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﻴﺔ، ﺣﻴﺚ ﰎ ﺗﺼﻤﻴﻤﻬﺎ ﻭﻓﻖ ﳕﻮﺫﺝ ﺃﻧﺪﺭﻭ ﻫﺎﻳﺲ ) Andrew Hayes ( ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺘﻮﺳﻂ ﺍﻟﺘﺴﻠﺴﻠﻲ .(42)

27 |

أخلاق العائلية ومستقبل الديمقراطية في العالم العربي

تؤك ـد النتائ ـج الت ـي تم التوصـل إليه ـا بواس ـطة ه ـذه التقني ـة ضل ـوع المس ـافة الجغرافي ـة ع ـن أصـل الجنـس البشـري ووفـرة مصـادر الميـاه البـاردة فـي تخفيـضحـدة العائليـة غيـر الأخلاقيـة بشـكل غيـر مباشـر وذلـك عبـر وسـاطة السلسـلة المكونـة مـن قلـة المخاطـر المتعلقـة بالأوبئـة

ﺷﻜﻞ ﺭﻗﻢ ) w 7 ( ﻳﺒﻴﻦ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺍﻟﺘﻮﺳﻂ ﺍﻟﺘﺴﻠﺴﻠﻲ ﺑﲔ ﺍﳌﺘﻐﲑﺍﺕ ﺍﳌﺆﺛﺮﺓ ﰲ ﺃﺧﻼﻕ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﻴﺔ

ــا مــن خــ ل ً والتقــدم التكنولوجــي وقيــم الاســتقلالية الفكريــة والأخلاقيــة. ويبــدو واضح ا علــى متلازم ـة العائليــة ً ا مباشـر ّ ً ا عكسـي ً النتائ ـج أن قيــم التحـرر (الاسـتقلالية) تمـارس تأثي ـر غيــر الأخلاقيــة، بحيــث تســهم بش ـكل لاف ـت للنظ ـر ف ـي تقل ـص اللجـوء الاجتماع ـي إلــى ا له ـذا الصن ـو م ـن ً ا كبيــر ً ه ـذه المتلازم ـة. ويعنــي ذل ـك أن المجتمع ـات التــي تع ـرف انتش ـار القيــم تميــل إلـى التصـرف وفـق أخــ ق كونيـة لا دمويـة خاصـة فـي المجـالات العامـة. غيـر أن هـذه القيـم لا تأتـي مـن الفـراغ ولا تنـزل مـن السـماء، ولكنهـا ترتبـط بالثـورات الصناعيـة ا لا يسـتهان بـه فـي تغييـر العقليات ً والتقـدم التكنولوجـي ومنظومـات التحضـر التـي تلعـب دور ـا بشـكل فعـال فـي التأثيـر ً والأنمـاط الثقافيـة. ويبـدو أن هـذه المتغيـرات الوسـيطة تتدخـل أيض ف ـي متلازم ـة العائلي ـة غي ـر الأخلاقي ـة إضاف ـة إل ـى مفعوله ـا غي ـر المباش ـر. ويوضـح الش ـكل ﺗﺆﻛﺪ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺍﻟﱵ ﰎ ﺍﻟﺘﻮﺻﻞ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﺿﻠﻮﻉ ﺍﳌﺴﺎﻓﺔ ﺍﳉﻐﺮﺍﻓﻴﺔ ﻋﻦ ﺃﺻﻞ ﺍﳉﻨﺲ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻭ ﻭﻓﺮﺓ ﻣﺼﺎﺩﺭ ﺍﳌﻴﺎﻩ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩﺓ ﰲ ﲣﻔﻴﺾ ﺣﺪﺓ ﺍﻟ ﻌﺎﺋﻠﻴﺔ ﻏﲑ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻏﲑ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻭﺫﻟﻚ ﻋﱪ ﻭﺳﺎﻃﺔ ﺍﻟﺴﻠﺴﻠﺔ ﺍﳌﻜﻮﻧﺔ ﻣﻦ ﻗﻠﺔ ﺍﳌﺨﺎﻃﺮ ﺍﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻷﻭﺑﺌﺔ ﻭﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ﻭﻗﻴﻢ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻭﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ. ﻭﻳ ﺒ É ﺪﻭ ﻭﺍﺿﺤ ﺎ ﻣﻦ É ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺃﻥ ﻗﻴﻢ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ )ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ( ﲤﺎﺭﺱ ﺗﺄﺛﲑ ∞ ﺍ ﻋﻜﺴﻴ É ﺎ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﺍ ﻋﻠﻰ ﻣﺘﻼﺯﻣ ﺔ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﻴﺔ ﻏ ﲑ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ، ﲝﻴﺚ ﺗﺴ ﻬﻢ ﺑﺸﻜﻞ ﻻ ﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﺮﻑ ° ﻓﺖ ﻟﻠﻨﻈﺮ ﰲ ﺗﻘﻠﺺ ﺍﻟﻠﺠﻮﺀ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺇﱃ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺘﻼﺯﻣﺔ. ﻭﻳﻌﲏ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍ É ﺍﻧﺘﺸﺎﺭ É ﺍ ﻛﺒﲑ ﺍ ﳍﺬﺍ ﺍﻟﺼﻨﻮ ﻣﻦ ﺍﻟ ﻘﻴﻢ ﲤﻴﻞ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺼﺮﻑ ﻭﻓﻖ ﺃﺧﻼﻕ ﻛﻮﻧﻴﺔ ﻻ ﺎﻻﺕ ﺍ ° ﺩﻣﻮﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﰲ ﺍ ﻟﻌﺎﻣﺔ. ﻏﲑ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﻻ ﺗﺄﰐ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﺍﻍ ﻭﻻ ﺗﻨﺰﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ، ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺜﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ É ﻭﻣﻨﻈﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﺘﺤﻀﺮ ﺍﻟﱵ ﺗﻠﻌﺐ ﺩﻭﺭ ﺍ ﻻ ﻳﺴﺘﻬﺎﻥ ﺑﻪ ﰲ ﺗﻐﻴﲑ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺎﺕ ﻭﺍﻷﳕﺎﻁ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ. ﻭﻳ ﺒﺪﻭ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺘﻐﲑﺍﺕ É ﺍﻟﻮﺳﻴﻄﺔ ﺗﺘﺪﺧﻞ ﺃﻳﻀ ﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻓﻌﺎﻝ ﰲ ﺍﻟﺘﺄﺛﲑ ﰲ ﻣﺘﻼﺯﻣﺔ ﺍﻟ ﻌﺎﺋﻠﻴﺔ ﻏﲑ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﺇﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﻣ ﻔﻌﻮﳍﺎ ﻏﲑ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ. ﻭﻳﻮﺿﺢ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺃﻋﻼﻩ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺍﻟﺘﻮﺳﻂ ﺍﻟﺘﺴﻠﺴﻠﻲ ﺑﲔ ﺍﳌﺘﻐﲑﺍﺕ ﻗﻴﺪ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ. .3 ﺍﻻﻧﻌﻜﺎﺳﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻷﺧﻼﻕ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﻴﺔ: ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻛﺘﻘﻮﻳﺾ ﻟﻠ ﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺗﻨﺪﺭﺝ ﺍﻟ ﻌﺎﺋﻠﻴﺔ ﻏﲑ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﺿﻤﻦ ﺍﻟﺴﺠﻼﺕ ﺍﳌﺘﻨﻮﻋﺔ ﻟﻠﻨﻮﺍﺯﻉ ﺍﻟﻔﻄﺮﻳﺔ، ﻭﲤﻴﻞ ﻋﺎﺩﺓ ﺇﱃ ﺍﻻﺷﺘﻐﺎﻝ ﻭﻓﻖ ﳕﻂ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳ ∞ ﺔ ﺍﻟﺘﺤﺘﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻈﻞ ﻧﺴﺒﻴ ﺎ ﻃﻲ ﺍﻟﻜﺘﻤﺎ ﻥ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﻔﺮﺍﺭ ﻣﻦ ﺍﻻ ﺯﻭﺭﺍﺭ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻼﺣﻖ

| 28

أعـ ه نتائـج التوسـط التسلسـلي بـ المتغيـرات قيـد الدراسـة. . الانعكاســات السياســية لأخــ ق العائليــة: الأخــ ق كتقويــض للديمقراطيــة فــي العالــم 3 العرب ـي تن ـدرج العائلي ـة غي ـر الأخلاقي ـة ضم ـن الس ـجلات المتنوع ـة للن ـوازع الفطري ـة، وتمي ـل ع ـادة ا طـي الكتمـان، لكنهـا لا ّ ً إل ـى الاشـتغال وف ـق نمـط مـن السياسـة التحتي ـة الت ـي تظـل نسـبي تسـتطيع الفـرار مـن الازورار الاجتماعـي الـذي يلاحـق بـدون رحمـة فضائحيتهـا المنبـوذة مـن ـا فيهـا بشـكل ً زاويـة أخـ ق المبـادئ. بالطبـع، ليسـت انعكاسـاتها مـن الزاويـة السياسـية مرغوب قصـدي، وإنمـا تأخـذ عـادة صبغـة الأضـرار الجانبيـة غيـر المتوقعـة كمـا هـو الأمـر فـي التقليـد . فالس ـلوكات المطبوع ـة بأخ ـ ق )Raymond Boudon) (43( السوس ـيولوجي عن ـد رايم ـون ب ـودون العائليـة فـي المجتمعـات العربيـة لا تنفـك، دون أن تـدرك ذلـك علـى الوجـه الصحيـح، تنتـج ا كابحـة لتفعيـل مؤشـرات الحداثـة السياسـية فـي العالـم العربـي، وهـو مـا يظهـر بشـكل ً آثـار جلـي عنـد فحـص مفاعيـل هـذه المتلازمـة الثقافيـة علـى المسـتوى الديمقراطـي. لي ـس هن ـاك مفه ـوم واحـد للديمقراطي ـة ف ـي أدبي ـات عل ـم السياسـة، وبالرغ ـم م ـن التناف ـر ا للأطروحـات ً ـا مشـترك ً الـذي يميزهـا، توجـد هنـاك منطقـة وسـط حقوقيـة تـكاد تكـون مقام النظريـة المعاصـرة. ويتعلـق الأمـر بأولويـة المشـاركة السياسـية مـن جهـة، مـع مـا يقتضـي ذلـك مـن قوانـ ومؤسسـات تمثيليـة وتداوليـة، ومركزيـة احتـرام الحريـة والاسـتقلال الذاتـي للأفـراد فـي حياتهـم الخاصـة مـن جهـة أخـرى. وبنـاء علـى هـذه العناصـر، تم التمييـز بـ الديمقراطيـة الش ـكلية والديمقراطي ـة الفعلي ـة. وق ـد حظي ـت ه ـذه الأخي ـرة باهتم ـام نظ ـري وأمبريق ـي ف ـي ـد بالتحديـد فـي المحـاولات المتعـددة لبنـاء نمـوذج يميـل إلـى الشـمول َّ البحـث السياسـي، تجس ويس ـمح بتغطي ـة مختل ـف العناصـر الكفيل ـة بجع ـل الديمقراطي ـة تضـع نصـب أعينه ـا تحري ـر ). وسـنعتمد فـي دراسـة العلاقـة بـ 44( كينونـة الإنسـان مـن القـوى الخفيـة والعلنيـة للتسـلط المتغيـرات قيـد الدراسـة علـى التصـور الإجرائـي الـذي صاغـه ويلـزل وإنكلهـارت بخصـوص ـا مـن العناصـر ً ا مركب ً ، وهـو التصـور الـذي يجعـل منهـا مؤشـر )45( مفهـوم الديمقراطيـة الفعليـة

أخلاق العائلية ومستقبل الديمقراطية في العالم العربي

29 |

التاليــة: مــدى الاحتــرام الفعلــي لحقــوق الإنســان والحريــات الأساســية، ونزاهــة النخــب الحاكمــة، وانتخابــات حــرة ونزيهــة، ووجــود مؤسســات وقوانــ ناجعــة تضمــن التحقــق الفعلـي للعناصـر سـالفة الذكـر. ــا؛ إذ نعتقــد بــأن العلاقــة بــ أخــ ق العائليــة ً ولكــن هــذا الاختيــار لا يبــدو البتــة كافي ـا عب ـر آلي ـات غي ـر ً والديمقراطي ـة الفعلي ـة ليس ـت علاق ـة مباش ـرة فحس ـب، ولكنه ـا تم ـر أيض مباش ـرة. وق ـد قادن ـا الحـدس ف ـي ه ـذه النقط ـة بال ـذات إل ـى ط ـرح عام ـل زواج الأق ـارب كمتغيـر توسـطي، وذلـك باعتبـار أن أخـ ق العائليـة مـن شـأنها تمهيـد الطريـق لبـروز اقتصـاد تبادل ـي للزيجـات يتوخـى الوف ـاء للارتباطـات المجالي ـة والاجتماعي ـة المسـنودة بأنثروبولوجي ـا الوظائـف الدمويـة. وقـد اكتشـفنا بعـد ذلـك دراسـة قيمـة تسـتعمل طريقـة النمذجـة البنائيـة فـي دراسـة العلاقـة غيـر المباشـرة بـ العوامـل الاقتصاديـة والثقافيـة والإيكولوجيـة مـن جهـة ومســتوى الديمقراطيــة مــن جهــة أخــرى وذلــك عبــر وســاطة زواج الأقــارب. وتوفــر هــذه . )46( الدراس ـة معطي ـات كمي ـة تغط ـي معظ ـم المجتمع ـات العربي ـة إن إدراج زواج الأقـارب كمتغيـر وسـيط فـي دراسـة العلاقـة بـ أخـ ق العائليـة والديمقراطيـة الفعليــة يكتســي تبريــره مــن تصلــب الثقافــة الفطريــة المبنيــة علــى التقــارب الطبيعــي فــي خيــر تعبيــر ديمغرافــي علــى ُّ ــد َ ع ُ ي )47( المجتمعــات العربيــة. ولعــل اســتمرار زواج الأقــارب William Rob�( ث � ون سميـ � ام روبرتسـ � ة ويليـ � دو أن أطروحـ � ة. ويبـ � ذه الثقافـ � ديد بهـ � بث الشـ � التشـ حـول العلاقـة بـ القرابـة والـزواج لا تـزال تتمتـع براهنيتهـا فـي مجتمـع يسـتثمر )ertson) (48 ا ف ـي المظاه ـر الفيزيقي ـة للحداث ـة دون أن يم ـس ذل ـك الاسـتثمار ف ـي الجواه ـر الجواني ـة ً كثي ـر ا بالقــول: إن تقديــس التآخــي شــبه الدمــوي ً . ويذهــب سميــث بعيــد )49( للحيــاة النفســية عل ـى ع ـدم ق ـدرة الثقاف ـة العربي ـة عل ـى ً والإيم ـان بأس ـطورة الجـد المش ـترك يش ـكلان دلي ـ ، لذل ـك تب ـدو المواق ـف )50( تصـور الوحـدة والنظ ـام الاجتماعي ـ خـارج مق ـولات القراب ـة والس ـلوكيات المرتبط ـة به ـا ف ـي انس ـجام عجي ـب م ـع الفه ـم الاجتماع ـي للقان ـون. وه ـو م ـا . )51( بيه المغاربــة َ مــع أحــد مســتجو )Lawrence Rawson( ســجله لورانــس راوزن

| 30 تجــد هــذه الأطروحــات صداهــا فــي نتائــج الاختبــارات الإحصائيــة؛ إذ إن فينومينولوجيــا القرابــة لا تنفــك تتعــارض مــع الأســس الســيكولوجية والثقافيــة للديمقراطيــة الفعليــة فــي ل ينسـف بقسـاوة نزاهـة النخـب ويفتـك َ ـو ْ ع ِ م َ ا. إنهــا تشــتغل ك ً المعنــى الـذي أشـير إليــه سـلف عـن تحايلـه حيـال مهمـاز الشـكلانية المؤسسـاتية. وتشـير ً بالحقـوق والحريـات الأساسـية، فضـ ا ً مباشـر ً ) - إلـى أن أخـ ق العائليـة تمـارس مفعـو 8 فـي الشـكل رقـم ( َّ ـ َ ب ُ النتائـج -كمـا م علـى إضعـاف إمـكان الديمقراطيــة الفعليــة؛ حيـث إن زيـادة العائليـة بدرجــة واحـدة، تفقـد درجــة. مـن جهـة أخـرى، يمـر التأثي ـر غي ـر المباشـر عب ـر 14 معـه الديمقراطيــة الفعلي ـة مقــدار É ﻭﻳﺬﻫﺐ ﲰﻴﺚ ﺑﻌﻴﺪ ﺍ ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ : ﺇﻥ ﺗﻘﺪﻳﺲ ﺍﻟﺘﺂﺧﻲ ﺷﺒﻪ ﺍﻟﺪﻣﻮﻱ ﻭﺍﻹﳝﺎﻥ ﺑﺄﺳﻄﻮﺭﺓ ﺍﳉﺪ ﺍﳌﺸﺘﺮﻙ ﻳﺸﻜﻼﻥ ﺩﻟﻴﻠﹰ ﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻡ ﻗﺪﺭﺓ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺼﻮﺭ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﻭﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﲔ ﺧﺎﺭﺝ ﻣﻘﻮﻻﺕ ﺍﻟﻘﺮﺍﺑﺔ (50) ، ﻟﺬﻟﻚ ﺗﺒﺪﻭ ﺍﳌﻮﺍﻗﻒ ﻭﺍﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺎﺕ ﺍﳌﺮﺗﺒﻄﺔ ¡ﺎ ﰲ ﺍﻧﺴﺠﺎﻡ ﻋﺠﻴﺐ ﻣﻊ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻠﻘﺎﻧﻮﻥ. ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺳﺠﻠﻪ ﻟﻮﺭﺍﻧﺲ ﺭﺍﻭﺯﻥ ) Lawrence Rawson ( ∫ ﻣﻊ ﺃﺣﺪ ﻣﺴﺘﺠﻮ ﺑﻴﻪ ﺍﳌﻐﺎﺭﺑﺔ .(51) ﲡﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻃﺮﻭﺣﺎﺕ ﺻﺪﺍﻫﺎ ﰲ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺍﻻﺧﺘ ﺒﺎﺭﺍﺕ ﺍﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺔ؛ ﺇﺫ ﺇﻥ ﻓﻴﻨﻮﻣﻴ ﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺍﻟﻘﺮﺍﺑﺔ ﻻ ﺗﻨﻔﻚ ﺗﺘ ﻌﺎﺭﺽ ﻣﻊ ﺍﻷﺳﺲ ﺍﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻟﻠﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﰲ ﺍﳌﻌﲎ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺷﲑ ﺇﻟﻴﻪ ﺳﻠﻔﹰ ﺎ ﺗﺸ é ﺎ. ﺇ ﺘﻐﻞ ﻛﹶ Á ﻤ Ã ﻌ ∫ ﻮ ﻝ ﻳﻨﺴﻒ ﺑﻘﺴﺎﻭﺓ ﻧﺰﺍﻫﺔ ﺍﻟﻨﺨﺐ ﻭﻳﻔﺘﻚ ﺑﺎﳊﻘﻮﻕ ﻭﺍﳊﺮﻳﺎﺕ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ، ﻓﻀﻠﹰ ﺎ ﻋﻦ ﲢﺎﻳﻠﻪ ﺣﻴﺎﻝ ﻣﻬﻤﺎﺯ ﺍﻟﺸﻜﻼﻧﻴ ﺔ ﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺗﻴﺔ. ﻭﺗﺸﲑ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ - ﻦ ﰲ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺭﻗﻢ ) ∆ ﻴ ∫ ﺒ  ﻛﻤﺎ ﻣ - (8 ﺇﱃ ﺃﻥ ﺃﺧﻼﻕ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﻴﺔ ﲤﺎﺭﺱ ﻣﻔﻌﻮﻟﹰ É ﺎ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﺍ ﻋﻠﻰ ﺇﺿﻌﺎﻑ ﺇﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ؛ ﺣﻴﺚ ﺇﻥ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﻴﺔ ﺑﺪﺭﺟﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ، ﺗﻔﻘﺪ ﻣﻌﻪ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﻣﻘﺪﺍﺭ . 14 ﺩﺭﺟﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ، ﳝﺮ ﺍﻟﺘﺄﺛﲑ ﻏﲑ ﺍﳌﺒﺎﺷ ﺮ ﻋﱪ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺯﻭﺍﺝ ﺍﻷﻗﺎﺭﺏ ﺍﻟﱵ ﺗﺴ ﺎ ﲟﻘﺪﺍﺭ ﺩﺭﺟﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﰲ ú ﻬﻢ ﺯﻳﺎﺩ ﺧﺴﺎﺭﺓ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﻟﺴﺒﻊ ﺩﺭﺟﺎﺕ ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﲏ ﺑﻠﻐﺔ ﺍﻹﺣﺼﺎﺀ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﺗﻔﻘﺪ ﺇﲨ ﺎﻟﹰ ﺎ ﻣﺎ ﻳﻘﺎﺭﺏ 22 ﻧﻘﻄﺔ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗ ﺘﻘﺪﻡ ﺃﺧﻼﻕ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﻴﺔ ﺑﻨﻘﻄﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ . ﺷﻜﻞ ﺭﻗﻢ ) 8 ( ﻳﻮﺿﺢ ﺗﺄﺛﲑ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﻋﱪ ﺯﻭﺍﺝ ﺍﻷﻗﺎﺭﺏ

منظومــة زواج الأقـارب التـي تسـهم زيادتهـا بمقـدار درجـة واحـدة فـي خسـارة الديمقراطيـة ً الفعليـة لسـبع درجـات، وهــو مـا يعنـي بلغـة الإحصـاء أن الديمقراطيــة الفعليـة تفقـد إجمـا نقطــة حينمـا تتقـدم أخـ ق العائلي ـة بنقطـة واحـدة. 22 مـا يقـارب ا حينم ـا نق ـارن المجتمع ـات العربي ـة بالمجتمع ـات الأخ ـرى؛ حي ـث ً يصب ـح الأم ـر أكث ـر س ـوء ). وبينم ـا 9 ـا (انظ ـر الش ـكل رق ـم ً ـا ملحوظ ّ ً ـا تنازلي ً يتخ ـذ منحن ـى الديمقراطي ـة الفعلي ـة اتجاه درجـات فـي علاقتهـا السـببية المباشـرة بأخـ ق العائليـة فـي 363 تفقـد الديمقراطيـة الفعليـة . 22 ﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ ° ﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺎ ° ﺍ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻧﻘﺎﺭﻥ ﺍ ؛ ﺣﻴﺚ ﻳﺘﺨﺬ ﻣﻨﺤﲎ ﺍﻟﺪﳝ ﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴﺔ É ﺍﲡﺎﻫ ∞ ﺎ ﺗﻨﺎﺯﻟﻴ ﺎ ﻣﻠﺤﻮﻇﹰ ﺎ ) ﺍﻧﻈﺮ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺭﻗﻢ 9 (. ﻭﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻔﻘﺪ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴﺔ 3.36 ﺩﺭﺟﺎﺕ ﰲ ﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﺍﻟﺴﺒﺒﻴﺔ ﺍﳌ ﺒﺎﺷﺮﺓ ﺑﺄﺧﻼﻕ ﺍﻟ ﺘﻤﻌﺎﺕ ﻏﲑ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ° ﻌﺎﺋﻠﻴﺔ ﰲ ﺍ É ﺗﺄﺧﺬ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺃﺑﻌﺎﺩ ﺍ ﻣﺮﺿﻴﺔ ﺗﺼﻞ ﺣﺪ ﺍﳔﻔ ﺎﺽ ﺍﳌﺘﻐﲑ ﺍﻟﺘﺎﺑﻊ ﲟﻘﺪﺍﺭ 21 ﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ: ° ﺩﺭﺟﺔ ﰲ ﺍ ً ﻳﺼﺒﺢ ﺍﻷﻣﺮ ﺃﻛﺜﺮ ﺳﻮﺀ

Page 1 Page 2 Page 3 Page 4 Page 5 Page 6 Page 7 Page 8 Page 9 Page 10 Page 11 Page 12 Page 13 Page 14 Page 15 Page 16 Page 17 Page 18 Page 19 Page 20 Page 21 Page 22 Page 23 Page 24 Page 25 Page 26 Page 27 Page 28 Page 29 Page 30 Page 31 Page 32 Page 33 Page 34 Page 35 Page 36 Page 37 Page 38 Page 39 Page 40 Page 41 Page 42 Page 43 Page 44 Page 45 Page 46 Page 47 Page 48 Page 49 Page 50 Page 51 Page 52 Page 53 Page 54 Page 55 Page 56 Page 57 Page 58 Page 59 Page 60 Page 61 Page 62 Page 63 Page 64 Page 65 Page 66 Page 67 Page 68 Page 69 Page 70 Page 71 Page 72 Page 73 Page 74 Page 75 Page 76 Page 77 Page 78 Page 79 Page 80 Page 81 Page 82 Page 83 Page 84 Page 85 Page 86 Page 87 Page 88 Page 89 Page 90 Page 91 Page 92 Page 93 Page 94 Page 95 Page 96 Page 97 Page 98 Page 99 Page 100 Page 101 Page 102 Page 103 Page 104 Page 105 Page 106 Page 107 Page 108 Page 109 Page 110 Page 111 Page 112 Page 113 Page 114 Page 115 Page 116 Page 117 Page 118 Page 119 Page 120 Page 121 Page 122 Page 123 Page 124 Page 125 Page 126 Page 127 Page 128 Page 129 Page 130 Page 131 Page 132 Page 133 Page 134 Page 135 Page 136 Page 137 Page 138 Page 139 Page 140 Page 141 Page 142 Page 143 Page 144 Page 145 Page 146 Page 147 Page 148 Page 149 Page 150 Page 151 Page 152 Page 153 Page 154 Page 155 Page 156 Page 157 Page 158 Page 159 Page 160 Page 161 Page 162 Page 163 Page 164 Page 165 Page 166 Page 167 Page 168 Page 169 Page 170 Page 171 Page 172 Page 173 Page 174 Page 175 Page 176 Page 177 Page 178 Page 179 Page 180 Page 181 Page 182 Page 183 Page 184 Page 185 Page 186 Page 187 Page 188 Page 189 Page 190 Page 191 Page 192 Page 193 Page 194 Page 195 Page 196 Page 197 Page 198 Page 199 Page 200

Made with FlippingBook Online newsletter